انطلقت حملة في عدد من محافظات مصر تدعو إلى إلغاء “الشبكة”، اعتراضاً على غلاء الأسعار، لكنّها أثارت جدلاً مجتمعياً واسعاً، كونها تمثل ثورة على عادات زواج المصريين
تنال حملة تحت شعاري “زواج بدون دهب”، و”بلاها شبكة” في مصر، الكثير من الانتباه أخيراً، خصوصاً في محافظات الصعيد. فالحملة الداعية إلى التخفيف من الأعباء المالية على الشبّان المتقدمين للزواج بدأت محافظتا بني سويف والأقصر بتنفيذ دعوتها. من ذلك، تنظيم ندوات ومحاضرات شبابية تدعو أهالي الصعيد إلى ضرورة التخلي عن هذه العادة، التي يصفها الناشط بـ”السيئة”. لكنّ آخرين يعارضون هذه الدعوة كلياً ويعتبرون الشبكة أساساً، ولو أنّ بعضهم يدعو إلى تخفيف أعبائها.
عن ذلك، يقول منسّق الحملة بمدينة الكرنك في الأقصر، علاّم رمضان، إنه يسعى إلى توجيه جهود العلماء والمفكرين وأئمة المساجد، ممن رحبوا بالحملة، لتوعية المواطنين بضرورة مساعدة الشباب في ظل هذا الارتفاع الكبير في أسعار الذهب. يذكر أنّ الحملة تهدف إلى إلغاء العادات والتقاليد التي تزيد الحمل على الشاب ولا تكون لها فائدة حقيقية سوى المظاهر فقط. ويعلق: “يجب إلغاء الشبكة حتى لو كان المستوى المادي جيداً، والعريس مقتدراً، لأنه سيكون قدوة سيئة لغيره، وستبقى المشكلة كما هي”.
يقول جميل مسعود، وهو رب أسرة، إنّ الزواج فى هذا الزمن يعتبر من الصعاب الكبرى التى يتعرض لها الشباب، وبعد ارتفاع سعر الذهب إلى مبالغ خيالية، بات من المستحيلات. ويتساءل: “مَن من الشباب قادر على تحمّل شراء شبكة بمبلغ يزيد على 30 ألف جنيه (نحو 3400 دولار أميركي بحسب السعر الرسمي)، وشقة لا يقل ثمنها عن 150 ألف جنيه (نحو 16 ألفاً و900 دولار)، وتكاليف خطوبة وفرح وتجهيزات وفرش للشقة بما لا يقل عن 100 ألف جنيه (11 ألفاً و260 دولاراً)؟ هذا الوضع يعني أنّ الشاب قد يحتاج إلى 280 ألف جنيه (31 ألفاً و500 دولار) للزواج فى زمننا هذا”.
في المقابل، أطلقت مجموعة من الفتيات حملة بشعار “مش عاوزة شبكة دهب.. الفضة أحلى” تضامناً مع معاناة معظم شباب مصر بعد غلاء الأسعار ووصول غرام الذهب إلى 450 جنيهاً (نحو 50 دولاراً).
تقول منسقة الحملة على مواقع التواصل الاجتماعي، زهراء مدحت: “خير الأمور الوسط، فأسعار الفضة مناسبة وهي بديل مرضٍ عن الذهب”. هي تعترض على فكرة إلغاء الشبكة بشكل تام، وترى أنّ الشبكة جزء أساسي من مراسم الزواج ويجب احترامه، لكن مراعاة لظروف البلد جاءت فكرة استبدالها بالشبكة الفضة.
بدورها، تقول هناء أحمد، وهي طالبة في السنة الأخيرة في كلية التربية الرياضية، إنّها تؤيد حملة إلغاء الشبكة، وترى أنّ الشبكة إحدى العادات التي سيطرت على الشعب المصري، وتملّكت منه من دون فائدة ومن دون وجود سبب ديني أو اجتماعي يؤيدها. وذكرت أنّها سبب أساسي يجعل العريس يركز على الشكليات فقط والأمور السطحية. تضيف أنّ كثيراً من الزيجات تفشل بسبب خلافات على الشبكة ومقدارها.
وعلى العكس منها، يقول الموظف الحكومي، أمير محمود، إنّ إلغاء الشبكة تماماً مرفوض لأنّه يقلل من قيمة ابنته ويجعل العريس يظن الزواج سهلاً ويمكنه أن يتزوج واحدة واثنتين وأربعاً كما يحلو له من دون وضع أي اعتبار للفتاة. ويذكر أنّه إذا تقدم عريس لبناته فسيسعى إلى تيسير الأمر له، لكن من دون تنازل عن الشبكة. وفي هذا الإطار، يعلن عن تأييد الدعوة إلى الشبكة الفضية، أو الشبكة الذهبية بعيار خفيف.
كذلك، تعترض منى مختار، وهي موظفة في إحدى الشركات الخاصة، على الدعوة التي تطالب بإلغاء الشبكة. تعتبر أنّه إذا “أراد الرجل أن نتخلى عن حقنا في الشبكة، فليتنازل هو أيضاً عن الشروط التعسفية التي يضعها للزواج، وكأنه يريد عروساً صناعية رشيقة القوام بيضاء البشرة ذات عينين خضراوين. كذلك، يجب أن تتخلى والدته عن شرط أواني البايركس وطقم الصيني والسيراميك والأجهزة الكهربائية المطلوبة من العروس”. هي تجد أنّ “الرجال يملون شروطهم للتقليل من قيمة العروس، لكن على الطرف الآخر، يتعنتون هم في شروطهم”.
ومثلها، ترى نهال أحمد، وهي أم لثلاث بنات، أنّ الحملة فيها استهانة بالبنت وحقوقها الأساسية. تقول: “هذه ليست مظاهر اجتماعية فارغة، بل أساسية كي يظهر العريس تقديره لزوجته المستقبلية. سعيه إلى توفير المال للشبكة يعتبر سعياً لإظهار جديته في الزواج. إن كانت ظروف البلد تضيّق الأمر على الشباب، فيمكننا تيسير ذلك بتقليل عدد قطع الشبكة، لكن لا نستبدلها بالفضة أو غير ذلك من اختراعات جديدة”.
بدوره، يقول الداعية الأزهري، الشيخ عبد الرحمن السيد: “لا يوجد أصل للشبكة في الدين، والمقصود بالصداق المسمى بيننا، أيّ شيء يتفق عليه أهل العروسين وليس من شروطه أن يكون ذهباً”. يتابع: “الأصل في الشبكة أنّها هدية من الزوج لعروسه، وقد أقرّ الأئمة والعلماء ذلك، حتى إذا ما حُلّت الخطبة وفُسخت تعود الشبكة مرة أخرى إلى الشاب. وإذا فشلت الزيجة بعد عقد، يحق للشاب استعادة نصف الشبكة. لذلك، فإنّ الشبكة تعتبر عملية اجتماعية في المقام الأول. والأَولى بالأهل عدم المغالاة بها، بل التيسير على الشباب”.
العربي الجديد