أعلنت السلطات السودانية قبل فترة استعدادها منح جنسيتها لمسلمي بورما، ومساواتهم بالمواطنين في فرص التعليم، نظرا للظروف الإنسانية التي يمرون بها وتتطلب الوقوف معهم.
خطوة إنسانية راقية ومبادرة موفقة ومشكورة من الحكومة السودانية، وجاءت متناغمة مع الظروف القاهرة التي يعيشها هؤلاء الإخوة في دول عدة؛ جراء انعدام الوثائق الثبوتية التي تحقق لهم الشعور بالاستقرار وحرية السفر والتنقل.
ويبدو أن القرار أصبح حيز التنفيذ، فهناك مجموعة من البرماويين المقيمين بالمملكة استفادت من المنحة أخيرا.
ما أود الوصول إليه هو أن البرماويين يُعدون من عديمي الجنسية، وحتى أولئك الذين يحملون جوازات سفر موقتة من دولٍ مجاورة لبورما، لم تعد وثائقهم صالحة للسفر -حاليًّا -بسبب إلغائها وعدم تجديدها.
وتعتبر المملكة الراعي الأول لشؤون البرماويين في الداخل وقضيتهم في الخارج منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز وحتى وقتنا الحاضر، في إطار سعي المملكة الدائم في تقديم صنوف الاهتمام والرعاية المستديمة للبرماويين كمقيمين دائمين في البلاد، وتذليل كافة الصعوبات أمامهم -فإنه بإمكانها، وبالتزامن مع المبادرة السودانية أن تقوم بدور إنساني آخر – يصب في رصيدها الكبير والمشرف والتاريخي تجاه هذه الفئة – وذلك بالتنسيق مع دولة السودان، في سبيل تنظيم استفادة من يرغب من البرماويين المقيمين من جوازات السفر السودانية، كنوعٍ من الشراكة الرائعة في احتواء هذه الشريحة، وتسهيل وثائق التنقل والسفر أمامهم لدواعي التعليم والصحة والعمل وخلافه، كبديل لجوازات السفر الآسيوية المنتهية التي يحملها الكثيرون دون جدوى، لاسيما وأن الجيل الثاني والثالث والرابع ممن ولد ونشأ وترعرع على أراضي المملكة أصبحت لغتهم هي العربية، ويكون من المناسب جدا -بحكم الولادة والنشأة واللغة والثقافة والعادات العربية المكتسبة -ربطهم بدولة عربية مثل السودان؛ تُقدم لهم الضيافة عن بُعد.
وهناك أفراد معدودون يسعون لتصحيح أوضاعهم بشكل خاص، وينجحون في اكتساب جنسيات بعض الدول بطريقة أو أخرى، بحكم المعارف أو الوساطات أو القدرة المادية أو الولادة أو النشأة أو التزاوج ووشائج القربى وخلاف ذلك، ولكن الشرائح الكبرى لا يتمكنون، وظروفهم لاتسمح.
إن عناية المملكة – كعادتها – وكدولة تمتلك الكلمة والنفوذ والعلاقات الوطيدة لوضع حد لأحد أكبر هموم هذا الشعب، والمتمثل في انعدام وثائق المواطنة والسفر، لهي من أهم متطلبات الحال، وحله في نظري ممكن، ويُسهم في نهضة جيل كامل في شتى النواحي.
أحمد محمد أبوالخير
صحيفة عكاظ