فرضت نفسها على الأجندة
على غير العادة في اللقاءات التي تجمع الرئيسين الفرنسي والتشادي في الأليزية والتي يكون محور النقاشات الرئيس فيها العلاقات الثنائية بين فرنسا المستعمرة السابقة وإحدى أهم مستعمراتها بغرب أفريقيا، والتطرق إلى الأوضاع في أفريقيا الوسطى المجاورة لتشاد وإحدى أبرز مناطق النفوذ الفرنسي في القارة الأفريقية التي تعاني زعزعة الاستقرار شأنها شأن دولة مالي، على غير العادة كان محور لقاء الرئيسين الفرنسي والتشادي فرنسوا هولاند وإدريس ديبي مؤخراً بقصر الأليزية هو (حركة بوكو حرام) النيجيرية التي تنشط في غرب أفريقيا. وبحسب بيان الرئاسة الفرنسية، فإن الرئيسين الفرنسي والتشادي بحثا سبل التصدي لبوكو حرام وتعزيز العمليات التي تنفذها حالياً، القوة المتعددة الجنسيات المختلطة، للدولة المجاورة لبحيرة تشاد، وتضم (القوة المتعددة الجنسيات المختلطة) التي أنشئت في يوليو 2015 قوات من نيجيريا والنيجر وتشاد وبنين والكاميرون.
بوكو حرام فرضت نفسها على أجندة الرئيسين الفرنسي والتشادي وعلى منطقة غرب أفريقيا عموما لأنها لا تزال تشكل تهديدا للأمن والاستقرار في منطقة الساحل والصحراء الأفريقية، وتفرض التحديات الماثلة من انتشار الحركة على المجتمع الدولي مساندة جهود نيجيريا ودول الجوار الأربع في التصدي لهذا الجماعة التي لا تزال – رغم الضربات التي تعرضت لها منذ وصول الرئيس النيجيري محمد بخاري إلى السلطة في انتخابات مايو 2015 وتبنيه برنامجا للقضاء على الحركة عسكريا – قادرة على القيام بعمليات انتحارية نعم الضربات العسكرية أنهكت قواها، ولكن التهديد قائماً.
بوكو حرام التي قتلت نحو 23 ألف نيجيري بحسب صحيفة (فانغارد) النيجيرية وشردت أكثر من مليون ونصف المليون من منازلها بشمال نيجيريا خلال سبع سنوات من اعتمدها العنف وسيلة للتغيير، باتت حاضرة ليس فقط على أجندة الرئيسين هولاند وديبي، بل إن الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري للقارة الأفريقية هذا الشهر ستكون أجندتها الرئيسة هي بوكو حرام وحركة الشباب الصومالية، حيث يزور جون كيري كلاً من كينيا ونيجيريا.
وتصاعد حضور بوكو حرام على الأجندة الدولية والإقليمية في الفترة الأخيرة رغم انحسار نشاطها العسكري، ولكن العالم يتقرب بحذر شديد تداعيات بوارد الانقسام داخل الحركة التي من شأنها أن تفضي إلى انشقاقات ونشوء حركات جديدة أكثر عنفاً وتطرفاً، وتعيش بوكو حرام هذه الأيام على وقع انقسام داخلي خطير بسبب الولاء لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا (داعش) التي أعلنت بوكو حرام مبايعتها لهذا التنظيم في العام الماضي. وأعلنت داعش مؤخراً عن تعيين أبو مصعب البرناوي أميراً جديداً لولاية غرب أفريقيا والمعروفة باسم (بوكو حرام)، وهو ما عدَّه زعيم بوكو حرام أبوبكر شيكاو انقلاباً وخيانة داخل الحركة.