«ببليوغرافيا الرواية السودانية» التي أعدها الاستاذ نبيل غالي، هي جهد كبير يشكر عليه، ورغم أنني لم اطلع عليها إلا أنه من خلال ما كتب عنها في صحيفة «اليوم التالي» تبدو عملاً مهماً لأي راغب في دراسة الرواية السودانية، وقد أحصى الأستاذ غالي «476» رواية سودانية صدرت من 1948 إلى 2015م.
وذا بدء لا بد من توجيه كلمة شكر عميقة إلى نبيل غالي على هذا الاهتمام الكبير والصبر الجمّ والإيمان بهدف، فقد سمعت عن هذه الموسوعة والاشتغال عليها قبل سنوات، حيث حكى لي صديق بخصوصها منذ أن صدرت لي أول رواية قبل أكثر من عشر سنوات وهي «الأنهار العكرة»، وقال لي إن مع الأستاذ نبيل نسخة منها.
هذا العمل يفوق ما تقوم به مؤسسات علمية وجامعية، حيث لا تتوفر لدى الجامعات السودانية مصادر أو مراجع واضحة بهذا الخصوص، وربما لم يكن ذلك من أولويات الاشتغال والاهتمام، كما أن المراجع في الرواية السودانية مازالت ضعيفة جداً، إذ لا تتعدى شذرات من الدراسات في مجلات متفرقة.
قبلها بيوم كنت اقرأ تصريحاً لكاتب صيني يقول فيه «إن الأدب الصيني اليوم بات مرآة الصين الحديثة»، والرواية بالتحديد هي مرآة العصر الذي نعيشه، هي التي تثير الأسئلة وتحرك الأذهان نحو إمكانية صياغة المستقبل الأفضل للأمة، بل تجعل الأجيال تعيد التفكير في سيرة التاريخ والأمس، ومراقبة اللحظة والراهن، أملاً في حياة مستقبلية أجمل وأكثر بهاءً. وهذا هو جزء من عمل الفنون على مرّ العصور، إذ أنها تؤنسن الحياة وتصنع تناغم الروح والجسد كما الموسيقى والشعر والرواية والرسم والتمثيل والمسرح وغيرها.
في الليلة نفسها وعلى قناة النيل الأزرق كان الأستاذ مجذوب عيدروس بصحبة الدكتور محمد المهدي بشرى يتحدثان عن فعاليات الدورة السابعة المقبلة من جائزة الطيب صالح للإبداع الكتابي التي ترعاها شركة زين، وفيما ذكر عيدروس أملهم في أن تتحول الجائزة إلى مؤسسة لها مقر يحتوي الأنشطة الثقافية والندوات وغيرها. وأضيف لذلك أن مثل ما قام به الأستاذ غالي جدير بالاحتفاء به من قبل مؤسسة الجائزة، بل أن تهتم بمثل هذه الأعمال البحثية المهمة، فهي تصبُّ في صميم المشروع المتعلق بالكتابة، المستقبلية. لأن تأسيس المستقبل الكتابي لا يأتي منقطعاً عن اليوم والأمس. لا ينمو من فراغ، بل عبر الوعي التام بالمنجز وما يجب العمل على تجاوزه، لكي لا نظل دائرين في حلقات الفراغ.