> من الصعب تصور أن التفاهمات التي تمت في الخرطوم بين الحكومة وحكومة دولة جنوب السودان في زيارة السيد تعبان دينق النائب الاول لررئيس جنوب السودان، ستجد طريقها نحو التطبيق والتنفيذ في المدة التي حددها السيد تعبان أمس وهي ثلاثة أسابيع أو (21) يوماً كما قال، والاجراءات المعروفة لدى كل سوداني وردت في الاتفاقية الشاملة التي وقعت في عام 2012 مع دولة الجنوب لكنها لم تنفذ، وهي ضبط الحدود والامتناع عن دعم المجموعات المسلحة التي تعمل ضد السودان وفك الارتباط مع الحركة الشعبية قطاع الشمال، بالاضافة الى عملية فتح الحدود والمعابر وتفعيل دور اللجان المشتركة للمراقبة. > الذي يجلب الحيرة ، هو ما قاله السيد تعبان دينق نائب سلفا كير، فهل ما عجزت عنه دولة الجنوب طيلة السنوات الماضية وظل السودان صابراً على الاذى ويتحمل الفعل السيئ والجهر بالسوء، يمكن ان تفعله فقط في ثلاثة اسابيع ..؟!!! > كيف يمكننا ان نصدق ما قاله السيد تعبان..؟ لقد ظلت هذه الالتزامات والتعهدات تقال في كل لقاء جمع الرئيس البشير بالرئيس سلفا كير، وكلما اجتمع أي مسؤولين من البلدين، تطرح القضايا المتعلقة بالملف الامني والاقتصادي، وتعلن جوبا انها بصدد تنفيذ ما عليها من التزامات، لكن نسمع جعجعة ولا نرى طحينا ً ..! > نجد انفسنا امام حقيقة لا نستطيع تجاوزها، لقد تكرر الحنث بالوعد وعدم الوفاء بالعهد ، فليت جوبا تصدق معنا هذه المرة، فهنالك مصالح ومنافع مشتركة لو تم تطبيق الاتفاقيات المبرم من قبل لكانت العلاقة اليوم في وضع مختلف، وما كان الذي حدث في الجنوب سيكون بهذا التردي والعنف الذي نراه ، فكل ما يجري هو تداعيات ما ظلت تفعله حكومة جنوب السودان وقلة حيلتها في التدبير والتقدير، لو كانت العلاقة جيدة وسلسة لكان السودان اليوم في العنصر الاكثر تفاعلاً في قضية الجنوب الداخلية ولسعي لها دون أية تعقيدات كما هو كائن اليوم، فقد نأى السودان بنفسه من المستنقع الجنوبي وكف يده من التدخل في شأن هذا البلد المنكوب ولم يتدخل الا في اطار هيئة الايقاد، فلو كانت العلاقة طيبة والاجواء حسنة ومواتية لاتيحت فرصة كبيرة للمساهمة في تسوية الازمة الجنوبية ومنع تفاقمها. > لكن جوبا لم تكن صادقة ولا حريصة على علاقة طيبة، بدليل انها منذ تلك الاتفاقية الشاملة بكل جوانبها الامنية والسياسية والاقتصادية والتدابير التي كانت ستتم علي الحدود، لم يحدث تقدم على الارض، فتراجعت العلاقة وزادت الشكوك والهواجس وازداد عدم الثقة رسوخاً وصار جداره سميكا اكثر مما يعتقد، نحن الآن بعد زيارة النائب الاول لرئيس دول الجنوب، ولقاءاته في الخرطوم مع الرئيس النائب الاول الفريق اول بكري حسن صالح والاجتماعات التي عقدت في اللجان الامنية مع كبار المسؤولين عن الملف الامني، وبعد ان استمعنا الى حديث السيد تعبان ننتظر الافعال بعد ان سمعنا الاقوال، لكن للأسف مثل اقوال السيد تعبان سمعنا الكثير من الرئيس نفسه، ونحن نعلم الظروف التي جاءت بتعبان نائباً اولاً، ففي مثل هذه الظروف وطبيعة صناعة القرار في جوبا واين يقع مركز القرار اصلا ..؟ هل يستطيع تعبان ان يفعل شيئاً ..؟ > هل بمقدوره العمل على تنفيذ كل ما وعد به في الخرطوم ..؟ لأن ما قاله بشأن قطاع الشمال في الحركة الشعبية وتحذيره لهم هم وحركات دارفور بعدم جعل الجنوب منصة للهجوم على السودان، هو قول تكذبه الوقائع على الارض ولا يمكن تصديقه بسهولة، نظراً للعلاقة المعقدة بين جوبا وقطاع الشمال وحركات دارفور.. > ومعلوم ان قطاع الشمال وحركات دارفور وهم حلفاء للسلطة الحاكمة في جوبا هم المتورطون فعلاً في قتل النوير في ولاية الوحدة واعداد مهولة من المواطنين الجنوبيين في الفترة الماضية بسبب الصراع الذي كان السيد تعبان طرفاً اصيلاً فيه ويعد من اهم قادته، قبل ان ينقلب على عقبيه ويغادر سربه وينضم لسلفا كير من جديد ويعود الى حضن الحركة الشعبية الحاكمة التي تمرد عليها ليظفر بمقعد النائب الاول!!