دولة الجبايات عابرة القارات
يحكى أن مواطنا سودانيا (نبيلا) كان يعمل مزارعا، أنجب مواطنا سودانيا آخر (برضو نبيل)، واجتهد وكد وتعب حتى علمه وأوصله إلى أم الجامعات ليتخرج بأعلى الشهادات، ويبدأ بعدها مطاردة الوظائف و(الشغل) قبل أن (يقنع) ويعود (في نبل) إلى حواشة أبوه أو مخمساته الزراعية ويشاركه مهنته الأزلية، إلى أن يكتشف أن ما يزرعانه بجهد عظيم ويحصدانه بفرح أعظم تأتي عربات الجبايات متعددة الألوان لتبتلعه في ثوان وتمضى وتتركهما في عراء الطين.
قال الراوي: المواطن السوداني ابن المواطن السوداني الذي يعمل مزارعا، فكر وقدر وقلب الأمور يمينا وشمالا، مستفيدا من ثقافته، ومعرفته و(معارفه) الجامعيين إلى أن هداه فكره إلى فكرة (السفر) من هذه البلاد حتى يضمن له ولوالده وبقية إخوته عيشة سمحة بعيدا عن إيصالات النهابين و(قبانات) قطاع الطرق اللئام.
قال الراوي: هاجر المواطن السوداني الجامعي الذي كان مزارعا ابن مزارع، وهناك استثمر معرفته وعلمه وتخصصه الأكاديمي، وفي سنوات قلائل حقق مركزا مرموقا في مؤسسته في بلاد الاغتراب، فأبدل حال أسرته، علم إخوته، أراح والده، و(حججه) هو والدته.. ثم (عرس).
قال الراوي: شاءت الأقدار أن تنجب عروس المواطن السوداني المزارع الأكاديمي الذي هاجر، أول أطفاله في بلاد المهجر ومستشفياته، ففرح به الأب فرحا عظيما وقرر أن يسميه على اسم جده الذي تعب وكد ووهب عمره لأجل تعليم أبنائه ورفعتهم ورفعة البلاد، فذهب إلى الإحصاء وسجل الاسم، وذهب إلى التحصين وحصن الابن وذهب إلى مكاتب الهجرة وقيد الاسم وووو وكل ذلك مجانا وهبة من حكومة بلاد الاغتراب القصية.
ختم الراوي؛ قال: وطنية حارقة أرقت المواطن السوداني ابن المواطن السوداني الذي يعمل مزارعا، فقرر إدراج ابنه في سجلات مواطني بلاده حتى يصبح مواطنا سودانيا صالحا ووطنيا.
استدرك الراوي؛ قال: في سفارة بلاده وقف المواطن المهاجر مندهشا والموظف من وراء حجاب يقول له: طيب، عليك مية دولار رسوم تسجيل، ومية وخمسين دولار رسوم استخراج جنسية، وميتين دولار رسوم جواز إلكتروني جديد.