لا بدَّ للرجال أن يستعيدوا حقّهم في البكاء، أو على الحزن إذًا أن يستعيد حقّه في التهكُّم.
وعليك أن تحسم خيارك: أتبكي بحرقة الرجولة، أم ككاتب كبير تكتب أيضًا بقدر كبير من الاستخفاف والسخرية؟ فالموت كما الحبّ أكثر عبثيّة من أن تأخذه مأخذ الجدّ.
لقد أصبح، لألفته وحميميَّته، غريب الأطوار. وحدث لفرط تواتره، أن أفقدك أحيانًا التسلسل الزمنيّ لموت أصدقائك، فأصبحت تستند إلى روزنامته لتستدلّ على منعطفات عمرك، أو على حادث ما، معتمدًا على التراتب الزمنيّ لموت أصدقائك. وعليك الآن أن تردع نزعتك للحزن، كما لجمت مع العمر نزعتك إلى الغضب، أن تكتسب عادةً التهكّم والضحك في زمن كنت تبكي فيه بسبب امرأة، أو بسبب قضيّة، أو خيانة صديق.
مرَّة أخرى، الموت يحوم حولك إيغالًا بالفتك بك، كلؤم لغم لا ينفجر فيك، وإنّما دومًا بجوارك. يخطئك، ليصيبك حيث لا ترى، حين لا تتوقّع. يلعب معك لعبة نيرون، الذي كان يضحك، ويقول إنّه كان يمزح كلَّما انقضَّ على أحد أصحابه ليطعنه بخنجره فأخطأه.
اِضحك يا رجل، فالموت يمازحك ما دام يخطئك كلّ مرّة ليصيب غيرك!
” عابر سرير “