أبشر الماحي الصائم

تفخيخ المفاوضات

* في ظل احتدام ثورة التقنية والتعامل الصحفي الإلكتروني، أصبحت المؤتمرات الصحفية فرصة لالتقاء أهل المهنة.. أمس الأول كان نادي الشرطة ببري مسرحاً لهذه اللقيا وتبادل التحايا والتساؤلات المقلقة، عن مصير مهنة تفتح أبوابها على المجهول في ظل ارتفاع أسعار مدخلاتها.. غير أن المكان كان يحتشد بالحضور وربما يرجع ذلك لسببين اثنين، فعالية تيم وزير الدولة بالإعلام ياسر يوسف، فضلاً عن حرص الجميع لسماع (النسخة الأصل) لقصة انهيار المفاوضات من رواتها وصناعها، وتحديداً من رئيس وفد الحكومة المهندس إبراهيم محمود مساعد رئيس الجمهورية، نائب رئيس الحزب الحاكم.
* بدا مهندس وفد الحكومة إبراهيم محمود واثقاً بأنه يقف على الضفة الصاح، بعد أن اجتهد وفده في أن يقدم كل الممكن، لقفل أبواب الحرب التي يرزح تحت وطأتها مواطنون سودانيون في الجانبين، فليس هناك أسوأ من أن تعيش تحت سماء الحرب!! هكذا قال الرجل.. هذا الإحساس الذي بدا شبه معدوم في جانب الحركات المسلحة.. فعلى الأقل قد ظلت الحركة الشعبية تتدارى وراء العمل الإنساني لتحقيق أهداف سياسية وغير إنسانية، وذلك بإصرارها على هبوط طائرات الإغاثة في مناطقها التي خارج سيطرة الحكومة.. وفي أذهان المفاوض الحكومي تجربة (شريان الحياة) التي لم تكن إلا حيلة لتغذية الحرب وإطالة أمدها في الجنوب.. ويفترض أن الحكومة لا تلدغ من جحر واحد مرتين.
* ومن جهة أخرى، فإن حركات دارفور هي الأخرى، حسب المهندس محمود، قد أدخلت ستة عشر بندا جديدا بين يدي الوصول إلى محطة التوقيع لتدخل ماراثون التفاوض في مأزق جديد، كما لو أن جهة خلف المسرح تقوم بدور المخرج، هي التي أشارت إلى هذا الخروج الكبير..
* وبرغم كل ذلك يقول مفاوض الحكومة المهندس إبراهيم محمود، ليس هناك من طريق آخر غير طريق السلام، إذ لابد من العودة إلى التفاوض والوصول إلى سلام بأي ثمن.. تساءل عدد من الصحفيين عن هذه الرغبة العارمة من قبل الحكومة.. إن كان القوم في مأزق.. غير أن السيد مساعد الرئيس في كل مرة كان يؤكد بأن السبب أخلاقي، على أن الحرب أرهقت البلاد والعباد وآن الأوان للسودانيين أن يسلكوا طرقا سلمية أخرى لتسوية مسائل الثروة والثورة.
* اعترف السيد إبراهيم محمود بأن هناك من يخسرون أوزانهم إذا ما تخلوا عن بندقيتهم.. على أن هذا ربما أحد الأسباب التي يعتقل بها البعض مصير شعب وبلد بأكملها.. غير أن العشم معقود.. بحسب أماني الرجل… بأن يرتفع هولاء إلى مستوى المسؤولية الوطنية والأخلاقية.. وللحديث بقية..