يمكننا أن نتعرف على الملامح الأساسية لشخصية أي أحد ومستوى تفكيره ودرجة طموحه وقدراته فقط من خلال نوع وحجم القضايا التي تشغل اهتمامه .. فصاحب العقل الكبير لا يتعثر أو يلقي بالاً للمطبات الصغيرة، وصاحب النفس الكبيرة يترفع عن الصغائر، وصاحب الطموح الكبير تتعرف على إمكانياته من خلال حجم طموحه، لذلك تجد الكثير من المؤسسات العالمية حين تريد التعاقد من خبير أو مستشار أو صاحب مؤهل فني تسأله عن الراتب الذي يتوقع أن يحصل عليه نظير عمله في الوظيفة المحددة، فلو حدد راتباً زهيداً كان ذلك إحدى المؤشرات المهمة التي تجعلهم يقومون بالتدقيق أكثر في مؤهلاته ومراجعة ترشيحه لشغل تلك الوظيفة الكبيرة وربما استبعدوه من المنافسة لهذا السبب .
الطموح المتواضع لا ينتج إلا أداءً متواضعاً جداً وهذا هو الذي ينطبق على نواب برلمان (الآي تن) .. كما سيحلو لنا أن نصفهم بهذا الوصف بعد أن ظهر لنا هذا البرلمان أمس بـ(وجه عريض) لم تراع قبته للحياء الواجب من الشعب السوداني وهي تحتضن صراعاً حامياً و(شكلة) بين النواب وتكتلات بسبب صفقة سيارات (آي تن) يتم تمليكها للنواب.
وكان البعض في الماضي يتهمون نواب البرلمان باهتمامهم بقضايا انصرافية لتبديد تركيز الناس مع القضايا الأساسية، فيصفون البرلمان بأنه برلمان إنصرافي .. لكن بعد (شكلة) النواب حول أقساط عربات الـ(آي تن)، وأسعار تمليكها لهم وطابور التسليم والانتظار، فإن الشعب السوداني يتابع هذه المينشيتات التي تزودون بها الصحف بنوع من السخرية من حال نواب البرلمان والإشفاق عليهم ولا يستحضرون إلا قافية قريبة من الأذهان للشاعر أحمد شوقي يقول عجزها (أهذا كل شأنك يا عرابي).
لقد أظهرت هذه الـ(سالفة) – كما يقول الخليجيون – أظهرت حكاية السيارات هذه مستوى تفكير وطموح وتأهيل هؤلاء النواب لمناقشة قضايا السودانيين، المعقدة ..
ولو كان أي من الخائضين في هذا الجدل والغارقين في هذه الزوبعة لو كان في مثل موقف المتقدم لوظيفة كبيرة وسئل عن راتبه الذي يتوقعه فسيكتب رقماً هزيلاً يتسبب في استبعاده قبل نهاية المعاينة..!
هل تنتظرون من هؤلاء أن يقدموا دوراً تشريعياً ورقابياً في مثل هذه الظروف؟.. هل تنتظرون من نواب الـ(آي تن) فكرة أو مشروعا أو توصية تقود حالنا ربع خطوة إلى الأمام في مشوار المليون خطوة الذي ينتظر بلادنا كي تنهض وتلحق بالعالمين؟.. هل ترجون من هذه القبة المشغولة بنفسها أية حلول أو توصيات لقضايا الإقتصاد وللدولار أبو 15 وللحوار ولأديس أبابا والنفايات والسيول والخريف والشتاء والصيف؟.
حسبي الله ونعم الوكيل.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.