يحكي أن محمد عمر الرباطابي الابن، سأل ذات يوم الوالد، يرحمه الله تعالى، وحشرة (الكربة) التي لا تُرى إلا وهي مسرعة تمر من أمامهم مسرعة.. “يابا يابا دي بتعضي”.. رد الوالد بسخريته المعهودة.. “هي دي فاضية من الجري”.. والشيء بالشيء يذكر.. فقد ورد في صحف الأمس.. إن الحكومة التركية تنتظر منذ عام 2014 الحكومة السودانية، تخصيص قطعة أرض لتقيم عليها مزرعة نموذجية بكلفة مئات الملايين من الدولارات، وحتى الآن لم تتمكن الحكومة السودانية من إنجاز هذه المهمة، وذلك حسب الخبر الذي تميزت به أمس صحيفة التيار.. تراجيديا تعيد إلى الأذهان إنتاج مقولة الراحل الرباطابي (هي الحكومة فاضية من الجري للمفاوضات ومشغوليات السياسة)..
* هنالك الآن فرصة لا تعوض نرجو أن لا تضيع هي الأخرى، وهي عزم الحكومة التركية الاستثمار الزراعي في السودان بمساحة ثلاثة ملايين فدان، على أن ما يقوى من مصداقية هذا الطرح، هو أن علاقة البلدين في قمة حالاتها، بحيث ينتظر الرئيس التركي أردوغان فرصة لمكافأة السودانيين شعبا وحكومة على مواقفهم الداعمة، واستجابتهم الفورية في إغلاق مؤسسات فتح الله غولن كأسرع استجابة خارج البلاد.. يقرأ كل ذلك مع قوة الاقتصاد التركي وخبراتهم الزراعية التراكمية، فضلاً على أننا نملك الكثير من الأرض البور البلقع.
* لهذا وذاك، قد وصلت حالات اليأس النهضوي بأن نادى أحد السودانيين مؤخراً، بوضع السودان برمته تحت (الوصاية التركية) مدة عشر سنوات.. على اعتبار أن لتركيا خبرة عملية في نقل اقتصادها من ترتيبه فوق المائة، إلى دخوله منظومة (العشرة الكبار) حول العالم.. على أن نعطي تركيا الأرض السودانية بأنهارها ونخيلها، ومائها الجوفية وأمطارها وسيولها ووديانها الموسمية، وبقضارفها ورهدها وجزيرتها المروية.. و.. و.. ونتفرغ نحن في المقابل لشيئين اثنين، الأول أن نضاعف من عدد أحزابنا السياسية ومؤتمراتنا ومفاوضاتنا ومهرجاناتنا السياحية والغنائية، ثم لتفتح البلاد على مصراعيها أمام (الأمهريات) من الجارة الإثيوبية، لنضاعف من ستات الشاي الماهرات في صناعة جبنات الصباحية والظهرية والمسائية، ونحن نتسورهن ونتحلقهن حتى العشية، ونخلف رجلاً على أخرى وندوبي .. “أنحا أولاد بلد نقعد نقوم على كيفنا” ونطلق عشرات الفضائيات الغنائية ولكل فضائية نجوم غدها.. على ألا يقتصر ظهور السر قدور على شهر رمضان، ففي كل شهر يكون لنا (أغاني وأغاني) وأصوات جديدة ندية، فليس بالفتريتة وحدها يحيى الإنسان وتعيش البشرية.
* نفعل مع الأتراك تماماً كما فعلنا من الإنجليز، بحيث نكون عمالة يدفع بنا إلى أي جهة حسب وحهة المخدم التركي.. سيما أن تركيا دولة مسلمة حسنة الإسلام، بحيث يمكن أن يكون التخريج لهذه الوصاية التركية تحت فلسفة.. إعادة الخلافة العثمانية.. وليس هذا كلما هناك.