تقول الحكاية – النكتة: “إن الأسد ملك الغابة صادق أحد التيوس – ملوك المراعي، وإنهما اتفقا على السهر وقضاء أمسية بهيجة احتفاءً بهذه الصداقة الوليدة، وبالفعل التقيا في مكان شاعري وجميل بعيدا عن أعين المتلصصين وسهرا وفرفرشا وضحكا وسعدا لوقت متأخر من الليل، وفجأة قال الأسد للتيس: “أنا بستأذن يا فردة، اتأخرت كتير على البيت”. التيس المنتشي بالونسة والصحبة الجديدة، أحبط وانفعل وقال للأسد: “أفوو!!!! أسد وبتخاف من مرتك”؟؟؟ فرد الأسد متململا وهو يتهيأ للذهاب: “يا خوي أنا متزوج لبوة ما غنماية”!
القصة الطريفة تلخص باختصار شديد وتقدم وجها (أساسيا) من أوجه المؤسسة الزوجية، فيه تتبدل حياة الأعزب رأسا على عقب، وعبره يلج الكثير من المتزوجين حديثا بابا من (كآبة ما بعد الزواج)، وقد تتحول حياة بعضهم بصورة نهائية بالسير نحو واحد من ثلاثة سبل للحياة: إما التسليم المؤسسي (الزواج والمجتمع) – وهذا لديه شكلان أيضا أحدهما إيجابي فاعل والآخر سلبي تدجيني، أو يلج المتزوج الحالة التي يمكن توصيفها بالتمرد الشغبي – وهي حالة مراوحة ما بين الاحتجاج والقبول قد تستمر لفترة من الوقت قبل أن يصل الطرفان “الأسد واللبوة” إلى حالة توافقية ترضيهما وتحقق التوازن المنشود، السبيل الأخير الذي قد يسلكه المتزوج حديثا – من “لبوة” – هو أن يعلن من البداية تمرده الكامل والذي بدوره ربما ينتهي بإحدى طريقتين؛ إما استسلام الزوجة أو خروج ووداع مبكر لمؤسسة الزواج والعودة إلى العرين القديم – العزوبية!
مخرجات (النكتة) السابقة اشتغلت على الحالة (لبوة) فقط، لكنها لا تمنعنا بلا شك من ملامسة الحالات الأخرى التي تنتجها مؤسسة الزواج ومنها تلك التصالحية المبنية على فهم عميق لمعنى التشارك الحياتي، حيث تنسحب الطوطميات (أسد – لبوة) وتطفو تلك المحبة التكوينية (الأسرية)، بحيث يشارك الطرفان بفاعلية في النحت المجتمعي نحو النهوض والتغيير والارتقاء، أو يسهما – بسلبية – في ترسيخ البناء القديم أيا كانت درجة تسوسه وشروخه.
“الغنماية” وجه آخر أيضا من أوجه مؤسسة الزواج، وهو باختصار معكوس “الزوجة اللبوة”، فالجانب المستضعف والمسكين يتحول في هذه المعادلة من الزوج إلى الزوجة، وهي حالة مرضية أيضا تقعد بهذه المؤسسة وتشوهها وتجعلها ذات وجه واحد؛ صلف متحامل وفاشل.