*ومفردة (دسي) بالنوبية تعني اللون الأخضر..
*والنوبيون يقرنون الجمال بالخضرة والسمرة؛ لا البياض..
*(أسمر اللونا) و(يا سمارة) و(سمارنا) و(سمرا منديل هدية تو ديناه)..
*و(دسي ليمونا) من أغاني التراث النوبية القديمة..
*هي نوبية مشربة بذكريات زمان ومكان وإنسان وادي حلفا..
*ومن هذه الذكريات ما وثقه – شعراً- عبده سري..
*وثقه شعراً بعاميتنا السودانية وهو الذي يصيغ شعراً عربياً مبيناً..
*فهو يجيد لغة الضاد أحسن من (أهلها) كحال النوبيين..
*أو كحال مثقفيهم رغم إن أهلها هؤلاء- في نظرهم- هم (الناطقون بغيرها)..
*فهم يعتزون بلغة الأصل والحضارة والتأريخ..
*ورغم إجادته العربية فإن سري يغلب عليه أحياناً (طبع اللسان النوبي)..
*اللسان الذي لم يعتد على أدوات (التذكير والتأنيث)..
*ومن ثم يقول في سياق تعريبه (وين قماري الشوق الليلة وين عشعش)..
*وذلك قبل مقطع (وين ظلال أرقين وين نخيل عنقش)..
*فنبهته إلى أن يضع كلمة (قمري) محل (قماري) ليستقيم الشطر لغوياً..
*ولكن ديوانه (إلى حبيبتي) كان قد طُبع..
*ورغم رقته الشاعرية كان ذا غلظة لفظية حين يتكلم في السياسة..
*غلظة مبعثها كراهيته لنظام عبود جراء (التهجير)..
*فهو جذوره في أشكيت (الأصل) لا التي بحلفا الجديدة ذات الرقم (13)..
*وبسببه كره الأنظمة العسكرية كافة في السودان..
*بل في العالم الثالث كله بما أنها تفعل ما تريد دونما رجوع إلى الشعب..
*بل حتى وإن كان ما (تريده) هذا ضد (إرادة) الشعب..
*وعشقته واحدة- أواخر عهد نميري- كانت تعشق شعره حد الثمالة..
*فهل عشقته لشعره ؟ أم عشقت شعره من أجله؟!..
*لا يهم – بالنسبة له- بما أنه لم يبادلها عشقاً بعشق على أية حال..
*والسبب في ذلك عاملان اثنان..
*أنها- أولاً- بيضاء وليست (دسي ليمونا)..
*وثانياً ، أنها كانت منضوية تحت لواء أحد تنظيمات (مايو) الشبابية..
*وذات يوم حضرت منتداه الشعري وطلبت قصيدة بعينها..
*قصيدة مطلعها (استبدي واخلفي ما شئتِ وعدي)..
*وأنشدها ليرسل في خاتمتها رسالة (مبطنة) لها مع إشارة من أصبعه..
*خاتمة نصها (اذهبي عني بعيداً آخر الكلمات عندي)..
*ثم (ذهب) هو إلى حلفا لتكون (آخر) كلماته تدريساً في ثانوية البنات ..
*و(آخر) ما أسمعه عنه مهاتفة من حمزة طنون..
*لقد (ذهب) عنا سري ؛ وعن أشكيت ، وعن حلفا ، وعن الدنيا..
*ولم (يذهب) وضعٌ سياسي طالما تمنى ذهابه..
*وستعرف (قماري الشوق) الآن أين (تعشعش)..
*وأين تسكب دمعها كلُّ (دسي ليمونا !!!).