تقول النكتة إن لصا تعيسا تسلق سور أحد المنازل بعد منتصف الليل، ممنيا النفس بصيد ثمين، لاسيما أن (الحالة) العامة توحي أن جميع من بالمنزل غارقون في النوم اللذيذ، مما يوفر له فرص سرقة ممتازة بهدوء واطمئنان. إذن.. قفز اللص داخل حوش المنزل، وأول ما فاجأه عدد كبير جدا من القطط (الكدايس) وهي تتجول في المكان وكأنها في باحة مطعم أسماك كبير، تسلل اللص بخفة إلى إحدى الغرف ففوجئ للمرة الثانية بعدد هائل من (الكدايس) يملأها، انسحب صوب إحدى الصالات وكانت المفاجأة أن ثمة قططا أخرى هناك، فتح أحد الدوالايب فقفزت القطط تموء نحو وجهه.. في كل مكان من المنزل كدايس إما نائمة أو وهي تتجول بحرية أو تتناول وجبة يبدو أنها متأخرة.. ثم أخيرا بعد يأس عثر اللص في زاوية ما على مصباح (لمبة)، يبدو أثريا وقديما جدا، فرفعه من مكانه ومسح بيده عليه ليبرز أمامه (فجأة) جني طويل عريض، سيكتشف سريعا أنه مصاب بثقل في حاسة السمع.
وتمضي النكتة – القصة إلى اللحظة التي يقول فيها الجني للص: (شبيك لبيك خادمك بين إيديك أنت تأمر والطلب بين إيديك).. فطلب اللص فرحا كما هو متوقع من كائن مثله: (عايز لي مليون دولار). فقال له الجني: (قلت شنو، كمون دورار)، فسارع اللص لتصحيحه (مليون، مليون دولار)، فسأله الجني مرة أخرى: (تقصد ليمون كردار..)، فثار اللص وصرخ: (يا زول قلت ليك مليييييييييييون)، وفي هذه اللحظة – بالذات – استيقظت عجوز كانت نائمة فوق عنقريب واطئ، وقالت للص: “يا ولدي ما تتعب نفسك، أنا لي خمسين سنة بقول ليو دايرا عريس، يقول لي دايرا كديس”.. وإلى هنا تنتهي النكتة!
النكتة التي حولناها إلى قصة طريفة أعلاه تصلح بشكل ممتاز، لتشريح واقع الحال في هذه البلاد، ولا أعني هنا تحديدا (العرس) ومسألة الثراء (القروش)؛ بقدر ما يحملانه من إحالات ترميزية تشير إلى أوضاع الناس بشكل عام، فأمنيات الناس “الحياتية الصغيرة جدا” في هذا البلد بالفعل صارت بأيدي من لا يسمع ولا يرى ولا يهتم.. فما تطلبه وتسعى صوبه بالاجتهاد والمثابرة لن ينالك منه في النهاية إلا (كديس) كسول، أو حبات ليمون ضاربة في وطن له أكثر من خمسين سنة يحلم وأحلامه تتحول سنة إثر أخرى إلى سراب.
ختام: من يهب جني هذه البلاد سماعة طبية لتحسين السمع؟.
استدراك: وعدسات لتحسين النظر ومشاعر لضبط الإحساس.