استيقظت نهايات مايو وبدايات يونيو من العام الجاري على المصطلح الأحدث فيما يسمى “زواج الركاض”، وهو ضمن الاختراعات السعودية المجيدة التي تظهر علينا كل صيف تحت ثوب واسم جديد لا يجعل من النكاح ولا من المرأة إلا شيئا يشبه السلعة المشبوهة من شاكلة تلك السلع التي يقبل عليها السعوديون بنهم في الأسواق الحرة كلما هبطوا مطارا في فجاج أرض الله الواسعة.
ويقول الكاتب علي سعد الموسى دخلت إلى “جوجل” كي أستزيد فهما ومعرفة بآخر صيحات الزواج، آنف الذكر، فاكتشفت أنني أمام “درزن” من مسميات الزواج ومصطلحاته، وكلها في الأغلب تتخذ أسماء من صلب مفرداتنا ولهجاتنا السعودية الخالصة. وعند استشارة زميل وفقيه متخصص قال لي بوضوح إن هذه الأنواع من الأنكحة لم ترد، على الأقل بمثل هذه الأسماء، في كتب التراث ولا في عيون وأمهات مخطوطات الفقه الإسلامي أيام ازدهاره في القرون الأولى الأربعة. لكنه استدرك، أن هذه المخترعات الحديثة من أصناف الزواج قد تندرج تحت باب الاجتهاد والتجديد فيما نسميه “فقه الواقع”، وهنا رددت عليه مازحا جادا: ولماذا لا ينشط ويزدهر فقه الواقع إلا إذا كان يبحث في مسائل “ما تحت الحزام”، ثم ينشط في هذه المنطقة “التاريخية” من بيولوجية الجسد، ثم يظل ثابتا جامدا في كل ما يختص ببقية التشريح الجسدي من الضلع الأسفل للقفص الصدري حتى غطاء الجمجمة؟
حين سمعت شخصيا بزواج الركاض، أو المركاض، أول مرة تبادر إلى ذهني أنه زواج بين رجل يركض في ميدان مع بضع نساء في ميدان ثم يختار إما الفائزة الأولى أو يذهب للأخيرة، لأن بعضا من “السعودي” يفضل المليئة المربربة، لكنني اكتشفت أنه زواج لمن يركض في الأرض شهرا أو نحوه، وهنا يحق له الزواج إذا خشي المعصية، وله أن يطلقها في ساعة المغادرة. هنا، وبفهمي، تتحول الزوجة إلى شقة سياحية مؤثثة ومستأجرة بعقد مفتوح من لحظة الوصول إلى الساعة الأخيرة لإقلاع الطائرة. أكثر ما لفت انتباهي في هذا الزواج هو لفظ “إن خشي المعصية”، لأنه يبرهن على الهوس الجنسي لفئام من بيننا لا تستطيع كبح الجماح في الخارج لشهر واحد، بينما هي في الداخل على “البلوت” وقدر الكبسة في استراحات أطراف المدن حتى أذان الفجر لأشهر متواصلة.
وسأختم: طالما أن الزواج أصبح مجرد فكرة لاختراع المسمى، فهنا سأدلي باختراعاتي لما هو قادم على الطريق. سأخترع الزواج “الأولمبي” كي “نركض” شهرا إلى حسناوات البرازيل والزواج “المونديالي” كي نركض بعد عامين إلى شقراوات روسيا، وخصوصا إذا ما تأهل منتخبنا، فنحن يومها لن نستطيع تشجيعه بغرائز مكبوتة. احتفظوا بحقي في براءة هذين “الاختراعين”، وسأضمن لكم ألا تقام هذه الألعاب في “كنشاسا” ولا نيجيريا على الأقل لعشرين سنة قادمة.
مزمز