محمد لطيف : نهر النيل.. هل ثمة تغيير

حين رتبت لقاء محدودا الأسبوع الماضي للسيد والي نهر النيل مولانا حاتم الوسيلة مع نفر كريم من أبناء الولاية بدارنا.. كان أقصى تصوري للقاء أن يكون للتعارف وتبادل وجهات النظر عموما حول مجمل الشأن الولائي.. وربما يعرج الحضور نحو محاولات خجولة لرسم خارطة المستقبل دون الغوص في ما يقيد الوالي الجديد.. وبالتالي لم يدر بخلدي أن تلك الليلة ستشهد ميلاد ملامح خطة الوالي الجديد.. بل وصدور أخطر قرار للوالي الجديد.. ربما أو هكذا يفترض أن يلقي بظلاله ويوشح العهد الجديد.. عهد حاتم الوسيلة..!
كنت قد دعوت السادة وزير الشؤون الهندسية ونائب الوالي والسادة معتمدي عطبرة وبربر لتشريفي.. وأقصى طموحي أن تصادف دعوتي وجودهم في الخرطوم.. غير أني قد فوجئت بأنهم قد أكرموني بالحضور خصيصا من الولاية تلبية لدعوتي.. ولهم مني عالي التقدير.. ليس هذا موضوعنا بالطبع.. ولكن حضورهم ذاك.. ربما.. هو الذي جعل ما نحن بصدده اليوم ممكنا.
كانت ولاية نهر النيل قد أعدت عدتها لاستقبال الوالي الجديد.. وجريا على عادة كل الولايات تم ترتيب كل شيء.. حتى من سيرافقون الوالي في رحلته إلى عطبرة.. كان ذلك كما علمت قرار مؤسسات وليس مزاج فرد.. قيل يومها إن الولاية تريد أن تقول عبر المناسبة إنها متماسكة.. والأهم.. أنها مرحبة بالتغيير.. حتى مسألة الانتقال بالطائرة كانت حيثياتها حاضرة.. فهي مناسبة لنفض الغبار عن مطار عطبرة.. وتشجيع شركات الطيران على فتح خطوط لولاية تعتبر الآن أكبر حاضنة للاستثمارات الأجنبية في مجال الزراعة.. ومعقل صناعة الأسمنت.. ثم الولاية ذات الحظ الوافر في إنتاج الذهب.. أي أن كل الظروف مواتية والحاجة ماسة لخطوط طيران.. فقط ما ينقص هو القرار والخطوة المشجعة.. وكان من رأي المنظمين أن وصول الوالي الجديد هو المناسبة..!
واللقاء يقترب من نهايته.. استأذنني ثلاثي الولاية الذي شرفني ليلتها.. في جلسة قصيرة إلى السيد الوالي.. استجبت لطلبهم مازحا.. يسعدني أن أستضيف أول اجتماع للوالي بحكومته.. انتهي اللقاء كما علمت بعد انفضاضه.. بقرار واحد وثلاثة بنود على طريقة المحامين.. لا سفر بالطائرة.. لا مرافقين.. لا استقبال جماهيري.. كانت تلك رغبة حاتم الوسيلة..! وبالفعل.. يذهب الرجل إلى ولايته بهدوء يرافقه الوالي السابق ود البلة.. كان ظن البعض أن الوسيلة محرج من الطريقة التي أبعد بها ود البلة لذا آثر إلغاء كل مظاهر الاحتفاء بمقدمه.. لاحقا يتضح أن خطة الوسيلة استرتيجية وليست تكتيكية.. ممتدة وليست مرحلية.. عميقة وليست عابرة.. فأول قرارات الوالي بعد وصوله حاضرة ولايته.. أنه سيكون مع المواطن.. قناعته أن المسؤول يرفعه قربه من المواطن وانشغاله بقضاياه.. لا نأيه عنه وزهده فيه.. لذا.. فسيكون في أي مكان في أي وقت.. من المستشفى حتى سوق المحاصيل.. وسيبدأ عمله بزيارة المحليات.. وفي المحليات بالبحيرة وأبي حمد.. وأهل نهر النيل ولا شك يعلمون ماذا يعني هذا.. أما الذي سيدهش مواطن الولاية.. بل مواطن كل الولايات.. فأن الوالي لن يبدأ يومه بالبوستة أو البريد كما يفعل المسؤولون منذ عهد الاستعمار.. كلا بل سيدأ يومه ببريد.. ولكن يتلقاه كفاحا .. فقد قرر حاتم الوسيلة أن تكون ساعة يومه الأولى من أمام مقر الحكومة.. تحت الأشجار وفي الهواء الطلق.. يتلقى شكاوى المواطنين.. أيا كانت تلك الشكاوى.. سيما تلك التي ضد المسؤولين والوزراء.. كما أن إبداء الرأي والنصح مرحب به في ذلك اللقاء ..
فلنصفق لكل مسؤول يفكر خارج الصندوق..!

Exit mobile version