أصبحت قضية “محمد حاتم سليمان” نائب رئيس المؤتمر الوطني بولاية الخرطوم ومدير التلفزيون السابق قضية رأي عام.. لا خيار أمام “حاتم” وحزب المؤتمر الوطني إلا اتخاذ طريق وحيد سهل وصعب جداً، في ذات الوقت ولكنه مفضٍ لبر السلامة وبه يكسب الحزب و”حاتم” معاً ألا وهو طريق القضاء الحر، ليقول كلمته في التهم التي وجهت لـ”محمد حاتم” بالحق أو بالباطل.. سواء كان مداناً أو بريئاً، فالقضاء وحده هو الذي يقرر في مصير أحد قيادات المؤتمر الوطني مهما نقب الناس المدافعون عنه وعن سيرته وبياض تاريخه وثقل حسناته يوم الفزع في معارك الوغى، فإن السهام التي انتاشته من داخل بيته والتهم الغليظة التي وجهت إليه لا يغسلها إلا قرار القضاء مهما تطاول أمده.. وتعددت مراحله فإن الصبح قريب.
قضية “محمد حاتم” أصبحت اليوم أمام العدالة وأي حديث عنها يؤثر سلباً على مسار العدالة في الوقت الراهن لأنها قضية خاصة بأجهزة الدولة الإعلامية، وقد تم القبض على “محمد حاتم” عدة مرات لا بشأن يخصه وتجارة في الأسواق، ولكنها جميعها تبعات في السابق ثمرة لخلافاته مع الذين كانوا في معيته من جماعته الأقربين.. وما حدث لـ”محمد حاتم سليمان” هو عين ما سبق أن تعرض له الدكتور “أزهري التجاني” في وزارة الأوقاف وما تعرض له “عابدين محمد علي” في شركة الأقطان وآخرون من ضحايا الإنقاذ التي قدمتهم من قبل كبش فداء لنفسها وصورتها وهي لا تبالي بسمعة رجل من الأطهار الأنقياء، الشيخ “علي النحيلة” في سبيل أن تكسب رضاء الجماهير (باعت) “النحيلة” (بالرخيصة).
قبل أن يذهب “محمد حاتم سليمان” إلى المحكمة فإنه مطالب بنزع قفطان السلطة وتقديم استقالته من منصبه كنائب لرئيس الحزب ومستشار لوالي الخرطوم، يواجه التهم التي بين يدي قاضي المحكمة كمواطن مثل د.”أزهري التجاني” الذي تنحى حتى عن منبر في مسجد الحي، الذي يقطنه، وقال للمصلين لقد أصبحت متهماً في أخلاقي وذمتي المالية، وبذلك أنا غير مؤهل أخلاقياً لوعظ الناس وإرشادهم.. ووجد تعاطفاً من أهل الحي وظل “أزهري التجاني” يتردد على محكمة الخرطوم شمال ، مثل مئات المتهمين يجلس مع بائعات الشاي يحتسي القهوة وبيده صحيفة (مكرفسة) ويتبادل القفشات مع المحامين والأبرياء والمجرمين ولمدة عامين، صبر على الأذى، ولما جاءت براءة “أزهري التجاني” أمسكت وسائل الإعلام التي سارعت لاتهامه بنشر خبر براءته.. وإذا مضت قضية “محمد حاتم سليمان” على ذات الدرب الشاق الصعب، فإن المؤتمر الوطني يكسب (مرتين) ـ الأولى بأنه أثبت نزاهته وحرصه على إرساء قيم العدل وحكم القانون ويكسب لمرة واحدة من قادته الكبار ، إذا صدر حكم المحكمة لصالح “محمد حاتم سليمان” ويصبح بذلك بطلاً في نظر الشعب، وجديراً بالثقة ليصبح والياً أو وزيراً كبيراً في الحكومات القادمة.
وإذا أدين “محمد حاتم سليمان” فإنه أيضاً يكسب احترام الناس ويغتسل في الدنيا من درن الفساد قبل عذاب الآخرة لمن لوث يديه بالمال العام.. وقديماً قال ابن زيدون:( إن طال في السجن إيداعي، فلا عجب قد يودع حد الصارم الجفن)، وذهاب “حاتم” للمحكمة والقبول بحكم القضاء بعيداً عن تدخل الأصدقاء والأحباب والمريدين هو الطريق الوحيد المنجي من القيل والقال.. وقد سعى الأخ وزير العدل لرد التهم التي وجهت إليه بالتدخل لصالح متهم، ولكنه أثبت ما يبحث عنه الآخرون.. وما كان لدكتور “عوض الحسن النور” أن يأتي بفعل ظل ينهى عنه طوال حياته المهنية، وتاريخه في القضاء.. لكن السلطة (تغيِّر) الناس وكثيراً ما يسقط ثوب الحياء وهم يفعلون ما هو مدان في ضمائرهم وشفاههم، لكن ثمن كرسي السلطة باهظ التكاليف.