بات الموقف المصري الضعيف في التفاوض مع صندوق النقد الدولي في وضع أكثر حرجاً، بعد تقرير مجلة إيكونوميست البريطانية قبل ثلاثة أيام، والذي قالت فيه إن سياسة نظام عبد الفتاح السيسي، الذي قاد الانقلاب العسكري ضد الرئيس محمد مرسي في يوليو/تموز 2013، تؤدي إلى تدمير مصر.
وأشارت إيكونوميست إلى أن القمع السياسي وعدم الكفاءة الاقتصادية مقلقان بدرجة أكبر في مصر، لافتة إلى وجود تدهور غير مسبوق للوضع الاقتصادي، مما يهيئ الأوضاع لانفجار جديد، لأن النظام المصري مفلس، ويعتمد على “حقن نقود سخية من دول الخليج، وبدرجة أقل على المساعدات العسكرية الأميركية”.
وتتزايد فجوات الموازنة والعجز المالي في مصر، رغم المليارات البترودولارية (مساعدات الخليج النفطية والدولارية)، مما أجبر نظام السيسي على الذهاب خالي الوفاض إلى صندوق النقد الدولي طالبا 12 مليار دولار كحزمة إنقاذ مالي، وفق المجلة البريطانية.
وتسبب تقرير إيكونوميست في إرباك النظام المصري، الذي يستقبل منذ نهاية يوليو/تموز بعثة من صندوق النقد الدولي للتفاوض على قروض كبيرة، مما دعا الخارجية المصرية إلى وصف التقرير، على لسان المتحدث الرسمي باسمها، أحمد أبو زيد، بـ”المشين”. وأضاف أحمد أبو زيد أن المجلة لجأت إلى “أساليب غير موضوعية ومهينة وذات دوافع سياسية لتوصيف السياسات الاقتصادية لمصر، ونسبها إلى شخص واحد هو رئيس الدولة”.
وأشارت المجلة إلى أن النظام المصري أهدر مليارات الدولارات على مشاريع وهمية، فقد افتتح السيسي في أغسطس/آب من العام الماضي 2015 تفريعة جديدة لقناة السويس، أحد أهم الممرات الملاحية في العالم، واعداً المصريين بدخل قدره 100 مليار دولار سنوياً منها، لكن إيرادات القناة انخفضت، كما ذهبت وعود ببناء مدينة تشبه دبي أدراج الرياح.
وبحسب إيكونوميست، فإن داعمي مصر من دول الخليج قد يئسوا من انتشال البلاد من أزمتها، حيث تسود حالة من الغضب لدى حلفاء السيسي في الخليج.
ورأت أنه يتعين على دول العالم تغيير سياستها تجاه مصر، فيجب ربط أي مساعدات اقتصادية بتعويم الجنيه، وتقليل الإنفاق الحكومي، وكبح جماح الفساد، ورفع الدعم.
وتجري مصر وفق مصادر مطلعة مفاوضات صعبة مع صندوق النقد الدولي، وسط خلاف على العديد من القضايا لاسيما المتعلقة بسعر الصرف والدعم وعدد موظفي الجهاز الحكومي للدولة، رغم نفي مجلس الوزراء مطالبة الصندوق لمصر بتقليص عدد العاملين في الحكومة.
وبحسب مصادر حكومية لـ”العربي الجديد”، فإن بعثة صندوق النقد ترى ضرورة تعويم الجنيه، حيث تقول إن السعر العادل للدولار في مصر 11.60 جنيها، بينما تقول الحكومة إن السعر لا يتجاوز 10.60 جنيهات.
ويبلغ السعر الرسمي الحالي 8.88 جنيهات، في حين يجري تداوله في السوق الموازية (السوداء) بحوالي 12.40 جنيها بعد أن تجاوز نهاية الشهر الماضي 13 جنيهاً.
أشارت إيكونوميست إلى أن القمع السياسي وعدم الكفاءة الاقتصادية مقلقان بدرجة أكبر في مصر
ولم تفلح الحملات التي يشنها البنك المركزي ضد شركات الصرافة في كبح سعر الدولار بالسوق السوداء، فقد أغلق البنك المركزي يوم الأحد الماضي 10 شركات صرافة، ليرتفع إجمالي الشركات التي تم إغلاقها إلى 40 شركة بدعوى التلاعب في أسعار صرف العملات والقيام بمضاربات.
وكان بنك الاستثمار “سي آي كابيتال”، أحد أكبر بنوك الاستثمار العاملة في مصر، قد توقع في تقرير له مطلع الأسبوع الجاري، أن يصل سعر الدولار رسمياً إلى 11.6 جنيها بنهاية العام المالي الحالي في يونيو/حزيران 2017، وذلك بناء على المفاوضات مع صندوق النقد.
وتبدو الأوضاع في مصر على صفيح ساخن للغاية، وفق وصف إيكونوميست، التي أشارت إلى أن السيسي لن يقوى على الحفاظ على نظامه للأبد، رغم أن الشرطة تبذل الكثير من الجهود في قمع المعارضين.
وذكرت المجلة أن ارتفاع نسبة الشباب في بلدان العالم هو مدعاة للنهضة الاقتصادية. أما في الديكتاتوريات العربية، فهم يعتبرون خطراً، لأنهم الطليعة التي أشعلت الانتفاضات في تونس ومصر وليبيا واليمن، وهددت عروش دول أخرى.
وقالت إن السيسي أثبت عدم كفاءة اقتصادية تماثل انعدام كفاءة الرئيس الإسلامي محمد مرسي، الذي أطاحه السيسي حينما كان وزيرا للدفاع.
وتشير التقديرات إلى أن نسبة البطالة بين الشباب تبلغ 40%، وبسبب التدهور الاقتصادي، لا تقبل الحكومة أي تعيينات جديدة، فهي مثقلة في الأصل بموظفين لا يفعلون شيئًا، ولا يمكن للقطاع الخاص استيعاب هذا الكم من العاطلين من العمل.
المثير للقلق أن الحاصلين على الشهادات الجامعية، أكثر احتمالا للوقوع في براثن البطالة مقارنة بأشباه الأميين، في ظل النظام الحالي، كما تسببت الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في زيادة معدل تضخم أسعار المستهلكين إلى مستوى 14%، وهو ما أضر بالصناعة وأخاف المستثمرين.
وجاء الانخفاض الشديد في أسعار النفط والعمليات الإرهابية التي تشهدها المنطقة ليزيد من أوجاع النظام المصري، حسب تقرير المجلة البريطانية. كما أن بيزنس الجنرالات في مصر له دور كبير في تدمير الاقتصاد.
العربي الجديد