يحكى أن العنوان أعلاه يتخذ من المخاتلة والمراوغة مدخلا لبث إحالاته ودلالاته المستولدة من الحكايات التي ستروى في الفقرات التالية لهذا المدخل، فما تقدمه الحكاية الواحدة من الحكايات الثلاث؛ يأتي وكأنه بلا مقصد أو أنها مسرودات عبثية أوجدتها لحظة (زهج) أو اكتئاب تعرض له راويها؛ أو قل رواتها فلا فرق. ثلاث حكايات تنهل من حياتنا العادية وتضرب في ذات الوتر الذي يشتغل على اليومي الذي يبدو – عبر الحكايا – وكأنه امتداد سرابي لقصة تتكرر هنا وهناك، مع اختلافات طفيفة في الإكسسوارات، الضحكات، القرف، الولادة، الموت.. إلخ الحياة. لكن، قد تبدو هذه الحكايات أيضا – من زاوية أخرى – مكتنزة بالمعنى، وحبلى بالإشارات والدلالات المحيلة إلى حياة أخرى؛ غير تلك.
قال الراوي: الحكاية الأولى: (في لحظة فارقة من الليلة السابعة والثلاثين – بالضبط – وهو يبحر في أرق وغرق أيامه الأخيرة؛ وصل المواطن (ك) إلى نقطة اللا جدوى من كل هذا، وأن الحياة يمكن أن تعاش بشكل آخر وفي مكان آخر وبأدوات أخرى ونفس جديد. حرك بلسانه سفة تمباك له ساعتين بتجويف فمه؛ قذفها بعيدا وهمس “آخر سفة”. وضع ساقه من جديد على الأخرى وواصل اكتشافاته وقطع قراراته “آخر كل شيء.. من الغد، كل شيء سينتهي”. في غد اليوم التالي قدم المواطن (ك) استقالته من وظيفته الحكومية.. ترك المدينة وراءه وسافر صوب الخريف).
قال الراوي: الحكاية الثاتية: (حين قررت المواطنة (ج) أنه لا فرق في الأشياء كانت الحياة تتسرب ببطء من جسدها الذاوي بفعل الكد والأمراض المزمنة، فطوال العشرين سنة الماضية كانت موزعة ما بين الجدية والالتزام في وظيفتها وما بين بيت ترعاه بتفان أكبر؛ إلى أن أخذت الأشياء تتضخم في كل يوم بصورة سرطانية ويتضاعف ويتضخم معها ورم ما بأحد ثدييها.. كانت تموت مبتسمة وهي تهمس “لا فرق”).
قال الراوي: الحكاية الثالثة: (في الصباح الذي يسبق انفصاله النهائي (وجدانيا وقيميا ونفسيا) عنهما؛ شاهد الفتى (س) أحدث شجار عنيف بين أمه الدكتورة الجامعية وأبيه البروفيسور (السياسي). خرج باتجاه مكان ما، دخن 3 سيجارات وأكد لنفسه أن لا فائدة وقال “طز” قبل أن يقفز صوب تلك الجهة.
ختم الراوي؛ قال: شعب كامل ينام كل يوم على (أوف) ويستيقظ على (توف) يا دنيا (توف).