طلاب للتمويل ..!!

:: ومن نماذج تأثير المناخ العام على المجتمعات، كانت الرعية في عهد الحجاج تستيقظ فجراً، ثم يسأل بعضها بعضاً : ( من صُلب اليوم؟، من قُتل اليوم؟، من جُلد اليوم؟).. وفي عهد الوليد ، كانوا يسألون بعضهم عن الغزوات المرتقبة والمعارك القادمة ونظريات المؤامرة .. وفي عهد سليمان، كانت مجالس الناس تتباهى بالملبس الفاخر و بما لذ وطالب من المأكل والمشرب و بالنكاح و الجواري.. ولكن في عهد عمر بن عبد العزيز، كان حديث الشارع عن الشرع ومكارم الأخلاق ..!!

:: وعليه، لا يجب عزل أخطاء المجتمعات وجرائمها عن (المناخ العام).. فالمناخ العام، منذ أسابيع، مُلبد بغيوم قضايا اليسع و حاتم و غيرها من القضايا التي ( تقوٍم نفس الناس).. مثل هذه القضاياً يتم حسمها – في بلاد الآخرين طبعاً – في لحظة وقوعها بقوة القانون، وبلا أي صخب أو إرتباك أو ( محاباة) .. وفي خضم هذا المناخ العام (الأغبر)، أُشير إلى ما يشبه هذا المناخ في بعض الجامعات الخاصة .. لقد شرعت الجامعات الخاصة في فتح أبواب القبول لدراسة الطب .. وللأسف، هذه الأبواب غير محروسة – بالنظم والقوانين – بحيث تحفظ وتحمي حقوق الطلاب و أسرهم .. !!

:: على سبيل المثال، إحدى الجامعات الخاصة لا تمانع عن قبول (500 طالب)، بكلية الطب في هذا العام، وكانت قد قبلت في العام الماضي (300 طالب)..ولكن الجدير بالتأمل – ثم الشك والريبة – عندما ينتقل طلاب السنة الأولى إلى السنة الثانية، تكون الجامعة قد تخلصت من ربع الطلاب بحجة الرسوب في كل المواد أو بالرسوب في إمتحان الملاحق .. ثم تتواصل المجازر حتى يتساوى (عدد الطلاب ) مع (حجم المعامل)، بحيث يتخرج ( 80 طالب)، أو أقل .. فأي عقل يستوعب عجز ثلاثة أرباع الطلاب عن المواصلة، بحيث يكون مصيرهم الفصل ..؟؟

:: وكشف التلاعب في إمتحانات السنة الأولى – في بعض الجامعات الخاصة – بغرض التصفية ليس بحاجة إلى كثير ذكاء، بل بحاجة إلى رقابة وقانون..وكما تفعل دول الدنيا كلها، يجب تحديد حجم القبول لكل جامعة، حسب إمكانياتها ومعاملها.. وليست من النظم أن تستوعب الجامعة ما تشاء بغير حساب، كما يحدث حالياً.. بتحديد حجم القبول لن يتم تحويل طلاب السنوات الأوئل إلى ( أرقاء)، ويمكن التخلص منهم – بعد دفع الجزية – لإستيعاب أرقاء آخرين ..!!

:: فالشاهد أن بعض الجامعات الخاصة لا تملك الإمكانيات لإستيعاب الفيالق التي تقبلها في السنة الأولى ، ولا تملك من المعامل ما تؤهل وتخرج فيالق الأطباء التي تم قبولها في ( السنة الأولى)..ولذلك تغطي – على ضعف إمكانياتها ومعاملها – بالمجزرة الجماعية المسماة بالرسوب في المواد.. علما بأن الرسوم التي يدفعها طلاب السنة الأولى دائما ما تكون ضعف الرسوم التي يدفعها طلاب السنوات السابقة..فعلى سبيل المثال، لو دفع طالب السنة الأولى ( 70.000 جنيه)، فأنه يستمر بهذه الرسوم، ولذلك تتقزم فرص الإستمرارية .. !!

:: أي، تجاريا، في ظل هذا التضخم، تفضل بعض الجامعات فصل أكبر عدد من طلاب السنوات المتقدمة لإستيعاب أكبر عدد من (طلاب التمويل)، وهم طلاب السنة الأولى .. وهذا مايحدث أمام رئاسة الجمهورية و مجلس الوزراء و وزارة التعليم العالي .. ولكي يكون البيان بالعمل، فلترسل وزارة التعليم العالي فرق المراجعة إلى كل – أو بعض – الجامعات الخاصة، ثم تقارن أعدد المقبولين بأعداد الخريجين، لتعلم بأن السواد الأعظم من طلاب السنوات الأوائل يباعون في ( أسواق النخاسة)، أي الفصل بعد الدفع، ليتناسب حجم الخريجين مع حجم المعامل .. !!

Exit mobile version