ربما لم يثر خبر احتفاظ سكرتير الحزب الشيوعي محمد مختار الخطيب بمنصبه كسكرتير سياسي الدهشة لدى الجميع كون النتيجة كانت متوقعة ، فقد ظل الحزب العجوز يدار بقبضة قوية من قبل الحرس القديم، تركل من يحاول الصعود إلى خارج أسوار الحزب كمافعلت بالشفيع خضر و رفاقه من الذين يحاولون الحديث عن تجديد الفكر الشيوعي أو تقديم قيادات شابة . وليس أدل على أن الحرس القديم بات يحكم قبضته على الحزب من عودة الرجل إلى منصب السكرتير رغم أن ترتيبه في الأصوات كان رقم 14
وكان وزير الإعلام أحمد بلال في حديث تلفزيوني من قبل قال إن الحزب الشبوعي لا يعرف الديمقراطية ويؤمن بقبضة الرجل الواحد، ومن قبل كشف مدير الأمن السابق صلاح قوش عن سبب إبعاد الشفيع خضر عن خلافة نقد لاتصالاته بالمؤتمر الشعبي والوطني وحديثه المستمر عن تجديد الأفكار، ولكن احتفاظ الخطيب بالمنصب أهو مؤشر على قبضة الشيوخ على دفة القيادة أم أنها رغبة الشيوعيين التي جعلته يفوز بأصوات اللجنة المركزية؟
إرادة الشيوعيين
الصحفي المتخصص في شؤون الحزب الشيوعي قرشي عوض قطع بأن عودة الخطيب مرة أخرى ليست مؤشرا لقبضة الحرس القديم وقال الإجراءات التي أتت به سليمة، ولم ترد أي بلاغات للجنة التحضيرية، مشيراً إلى أن التوقعات المسبقة لاختيار سكرتير الحزب كانت على العكس، مؤكداً أن الخطيب صعد بإرادة الشيوعيين وثقتهم في قيادة المرحلة وقال إن الحديث عن أي تكتلات داخل حزب ماهي إلا أماني، قائلاً الحزب الشبوعي موحد الإرادة ومتفق على النقاط الجوهرية مؤكداً أن الخطيب تمكن من قيادة الحزب في ظروف بالغة التعقيد و نجح في أن يعبر به إلى بر الأمان بدليل إقامة المؤتمر العام السادس.
أزمة ديمقراطية
واتفق محللون سياسيون على أن معظم الأحزاب السودانية باتت تعاني أزمة الممارسة الديمقراطية في داخلها، وقال فيصل الصحفي والمحلل السياسي محمد صالح إن الحزب الشيوعي ليس بعيداً من هذه المشكلة، واستشهد فيصل على حديثه بفصل الشفيع خضر الذي يؤكد أن هناك صراعاً بين الشيوعيين وقال فيصل نتمنى أن يدار الصراع داخل الحزب بالوسائل الديمقراطية العادية محذراً من انعكاسات الممارسة غير الديمقراطية على الجماهير التي قد تفقد ثقتها في الأحزاب، مشيداً بتجربة حزب المؤتمر السوداني وأكد أن الحزب الشيوعي يعاني من مشكلة فكرية وسياسية حقيقية استخدمت فيها الإجراءات التنظيمية وهو أمر مؤسف على حد وصفه، إلا أنه عاد وأكد بأن الانتخابات والتكلات أمر طبيعي بل وجزء من ممارسة تنظيمية ديمقراطية. رافضاً أي حديث عن مقارنة بين الراحل نقد والسكرتير الحالي الخطيب، لافتاً إلى أن المقارنة تعتبر ظلماً في حق الأخير الذي لم يكن معروفاً، بينما كان نقد يتمتع بالكاريزما والقدرة على التواصل مع القوى السياسية الأخرى أضف إلى أنه قاد التنظيم لسنوات طويلة خلافاً للخطيب الذي لم يكن معروفاً خارج التنظيم وعمل في ظل تحديات صعبة جداً ونجح إلى حد ما.
إحباط الجماهير
لعل أكبر دليل على أن الحزب العجوز بات يضيق بالرأي الآخر ويمارس قدراً من الديكتاتورية، حيث فضلت مجموعة من القيادات الشبابية في الحزب أن تدون رأيها للصحيفة دون توقيع واشترطت حجب اسمها ووصفت صعود الخطيب مره اخرى بالمحبط، وقالوا كان هناك تمهيد لاحتفاظ الرجل بمنصب سكرتير الحزب تمثل في إسكات وإقصاء كل من يحاول أن يثير قضايا نقاش تتعلق بالتنظيم خارج الحزب او داخله وحملوا الخطيب مسئولية بروز بعض الظواهر الحزبية التي لم تكن موجودة في الحزب ن قبل والمتمثلة في وجود تيارات متصارعة واتهموه ورفاقه بأنهم كانوا يبيتون النية لإبعاد الشفيع خضر وأمثاله من المنادين بالتجديد والإصلاح بعد أن أصبح الحزب مخترقاً وتقدم الكثيرون باستقالتهم منه. وأضاف يرى هؤلاء المحبطون أن الخطيب غير مؤهل لقيادة الحزب كون فترته شكلت مرحلة غياب الأنشطة الفكرية والخطابية للحزب وظل بعيداً عن المشاركة في القضايا السياسية التي تحاصر السودان.
ساعدته الظروف
واتفق الصحفي اليساري مؤمن الغالي مع قرشي عوض الذي قال ل (آخر لحظه) الخطيب أدارالملف في فترة بالغة التعقيد مؤكداً أنه صعد إلى المنصب بانتخابات حرة نزيهة مشيراً إلى أنه لاوجود لأي لوبيات داخل الحزب كون كل المؤشرات والظروف تصب في مصلحة الخطيب الذي حفظ الحزب من الانشقاق واتخذ قرارات حاسمة و صعبة فبما يتعلق بملف الشفيع خضر واستطاع أن يقيم المؤتمر العام وسط هذه الأجواء.
حزب الشيوخ
المحلل السياسي محمد المعتصم حاكم يرى أن الانشقاقات وفصل القيادات أصبح ديدن كل الأحزاب السودانية مؤخراً بما فيها المؤتمر الوطني، واتهم الإنقاذ بتقسيم الأحزاب في السنوات الأولى من عمرها من خلال صنع منابر بأسماء الأحزاب الكبيرة، وقال حاكم الأن بدأ حجم الؤامرة ينكشف، معتبراً عودة الخطيب مرة أخرى على رأس الحزب الشيوعي شيئاً طبيعياً، فالأحزاب الشيوعية في كل العالم تقدم القيادات الكبيرة في السن.
رصد:فاطمه أحمدون
صحيفة آخر لحظة