* إحالة أحد المسؤولين إلى محكمة المال العام، بموجب مواد من قانون الإجراءات المالية والمحاسبية، خبر مثير للاهتمام، وإجراء لافت للانتباه، لأنه يشير إلى تطور نوعي في تعامل نيابة المال العام مع قضايا الحق العام.
* أثار الخبر انتباهنا لأن القانون المذكور كان مهجوراً ومرفوعاً من الخدمة، منذ إجازته في العام 2007، مع أنه يعتبر من أقوى القوانين، وأشدها صرامة، وأكثرها حزماً في التعامل مع جرائم التعدي على المال العام.
* عندما أعلنت السلطة اعتزامها تكوين مفوضية لمكافحة الفساد، وإقرار قانون يحكم عمل المفوضية، كتبنا في هذه المساحة مقالاً يشير إلى أن ذلك لن يكون ضرورياً، حال إقدام الحكومة على تفعيل قانون الإجراءات المالية والمحاسبية، لصرامته، وقوة نصوصه، وتشدده مع كل من تسول لهم شياطينهم الاستيلاء على المال العام.
* طالبنا الوزارة وقتها أن تنفض الغبار عن ذلك القانون وتضعه موضع التنفيذ، كي يعيد للخدمة المدنية هيبتها، ويحمي المال العام من عبث العابثين، واختلاس الفاسدين.
* يعاقب القانون المنسي كل من يتعدى على المال العام، أو يُجنّبه، أو يصرفه في غير الأوجه المحددة لصرفه، أو ينفقه بإهمال، أو يتأخر في توريده لخزائن الدولة، أو يتأخر في قفل الحسابات، أو يتلف المستندات والنماذج المالية ذات القيمة عمداً.
* قانون يحوي مادة صارمة، تعاقب من يستغل سلطته لإهدار المال العام بالسجن لمدة عشر سنوات، ونعني بها المادة (29) الفقرة الأولى، التي تنص على ما يلي: (يعتبر مرتكباً جريمة كل شخص يخالف أحكام هذا القانون، أو اللوائح الصادرة بموجبه، ويعاقب بالسجن لمدة لا تجاوز عشر سنوات أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً، وذلك مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد يكون عرضة لها وفقاً لأحكام أي قانون آخر).
* لو تمت إحالة المخالفين إلى المحاكم، ليحاسبوا بموجب ذلك القانون ولائحته لما جرؤ أي موظف دولة على التعدي على المال العام.
* نيابة الأموال العامة تتبع لوزارة العدل، وبالتالي فإن إعمال قانون الإجراءات المالية والمحاسبية يعتبر من أوجب واجبات وزير العدل، مولانا الدكتور عوض الحسن النور، الذي نتوقع منه أن يمنح النيابة المذكورة الضوء الأخضر للتعامل المباشر مع كل التقارير الصادرة من المراجع العام.
* كذلك ننتظر منه أن يأمر النيابة المذكورة بتحريك أي بلاغ وصلها فعلياً، واستند إلى تقرير من المراجع العام، لأننا نعلم يقيناً أن هناك بلاغاً مشابهاً تم دفنه في النيابة المذكورة لأكثر من عامين.
* بلاغ لم يتم التحري فيه مع المراجع الذي أعده، ولا أحد يدري مصيره، مع أن المتأثرين به، والساعين إلى إهالة التراب عليه جاهروا بأنه شُطب في طور التحري، علماً أن مثل تلك البلاغات لا تشطب قبل التقصي، وسماع شهادة المراجع فيها، بصفته الشاهد الأول.
* لو عوقب أي متهم بالسجن لمدة عشر سنوات لتعديه على المال العام لصار عظة وعبرة لسواه، ولو أطلقت يد نيابة الأموال العامة لتحقق في أي تقارير يصدرها المراجع العام وتحوي تجاوزاً أو تعدياً على أموال الدولة فستنخفض معدلات الفساد من دون أي تدخل من مفوضية مكافحة الفساد.