٭ يحكى أن الرئيس البشير قابل الرئيس الأسبق جعفر نميري – له الرحمة – في أحد صيوانات العزاء في أمدرمان، وبعد السلام قال البشير لنميري نحن خلاص قلنا نطلق سراح الترابي (على أيام إعتقاله) وإن شاء الله الأمور تمشي تمام .. فنظر إليه نميري (من فوق النظارة) وقال له: (والله تفكوا كان يخليك زيي حايم من بيت بكاء لي بيت بكاء).
٭ لكن قطعاً لن يكون حال البشير كحال نميري، بدءً برحيل الترابي، وثانيا بالأمل الكبير الذي يحدو المؤتمر الشعبي في البشير، ورهنه نجاح عملية الحوار بوجود رئيس الجمهورية، للعبور بالبلاد نحو الاستقرار.
٭ الحديث الوطني والايجابي للشعبي جاء على لسان أمينه السياسي كمال عمر في حوار للغراء (اليوم التالي) أمس السبت .. كل الاطراف أمنت على أهمية وضرورة وجود البشير على رأس الحضور.
٭ ويبدو أن الطرق المغلقة بدأت تتفتح من خلال مشاركة قوى المستقبل بزعامة الإصلاح الآن .. فأفلحت جهود لجان الحوار وقامت بعمل كبير، وخرج كثير جداً من الهواء الساخن، بل دعا البعض علانية للتطبيع مع إسرائيل.
٭ وانضمت حركات مسلحة للحوار، وينظر الجميع الآن للتوقيع المأمول من قبل المعارضة المسلحة على خارطة الطريق غداً .. وبالتالي لا يبدو أن هناك ما يوقف قطار الحوار أو يعقد مسألة المصالحة الوطنية.
٭ ولكن يبقى الرهان الأول والأخير، بيد الرئيس البشير ولا أحد غيره، لكن لنكن صريحين قليلاً، إن التوقيع على خارطة الطريق سيجعل من هم بالداخل يتحسسون مقاعدهم، باعتبار أن ذلك سيكون خصماً عليهم في الساحة السياسية.
٭ إن قدوم معارضة الخارج، ينسحب على من هم بالداخل دون شك، وبالتالي قد يحاولون التقليل من قيمة من هم بالخارج، مثل محاولات البعض في وقت سابق النيل من المهدي، ورفض التحاور معه.
٭ لا بد من تتغير الخارطة السياسية، فهناك لاعبون تواجدوا في الساحة دون أن يكون لديهم مايؤهلهم للتسجيل في دفتر الحضور، وآخرين تسللوا خلسة، بل وكانوا خصماً على الحزب الحاكم.
٭ وتيار آخر يكفي وجوده طيلة الفترة المنصرمة، بسبب غياب الكبار، وفئة رابعة لم تستفد من وجودها وكانت عبئاً على العملية السياسية برمتها، ولم تقدم ما يشفع لها بالاستمرار.
* والبعض ظل داخل الحكومة باسم اتفاقات سلام انتهت آجالها، ولم تعد صالحة في هذا التوقيع، بل إن بعضهم كانوا خصماً على عملية السلام نفسها، ولم يسهموا في تطويرها ودفعها للأمام.
٭ ولا ننسى المؤتمر الوطني نفسه، فوجوه بداخله، يتمنى البعض أن تغرب شمسها اليوم قبل الغد .. باختصار المسألة تحتاج إلى إعادة ترتيب من (أول وجديد) ولا نقول عملية جرح وتعديل.
٭ الأوضاع الراهنة لا تتحمل أنصاف الحلول ولا تكرار بعض الوجوه، في تقديري إن حديث كمال عمر كان حكمة وهو يقول (أملنا في البشير كبير).