قبل أسابيع كاد الشيخ إبراهيم السنوسي أن يحطم بعصاه رأس الحزب الحاكم .. والحكاية أن الحزب الحاكم تخلف عن موعد اجتماع مشترك للجنة (٧+٧) عقد بقاعة الصداقة.. أحد المراقبين وجد أن فريق الحكومة زاد عضواً بسبب انشقاق حزب التحرير والعدالة.. حينما أراد الرجل أن يثير نقطة نظام وجد من يشير اليه بالتزام الهدوء، باعتبار أن الوقت للعمل لا إثارة النقاط الخلافية..حتى حينما احتدم الخلاف بين الجمعية العمومية ومصطلح المؤتمر العام الذي اخترعه الحزب الحاكم اقترحت المعارضة التقاضي لرئيس الجمهورية بصفته راعياً للحوار.. الفتوى الرسمية أفتت بجمعية عمومية يعقبها مؤتمر عام.
يبدو أن الحزب الحاكم كان ذكياً حينما استوعب أن هنالك اتجاها دولياً لتصفير مشاكل السودان..الحماس الدولي سببه الفوضى العارمة في الإقليم الكبير..ليبيا تكاد تتحول إلى حاضنة للعناصر الإرهابية المتطرفة ..جنوب السودان بات نموذجاً للفوضى المدمرة..مصر لم يستتب الأمر فيها للمشير السيسي الذي يحكم بالجيش دون مظلة حزبية.. أفريقيا الوسطى تكاد تتحول إلى جحيم، وكذا الكنقو..الحكومة السودانية قابضة على السلطة ويسهل التفاهم معها وانتزاع بعض التنازلات..لهذا من الأفضل دعمها لا تصفيتها.
في هذه المرحلة الفاصلة أصبح الحوار الوطني للحكومة هدفاً يسير المنال .. بالذات بعد أن رأت واستيقنت أن معظم جمهور قاعة الصداقة ينشد المشاركة في الحكم .. برحيل الشيخ حسن الترابي لم يعد توحيد الحركة الاسلامية هماً شاغلاً للحزب الحاكم .. لهذا بات التركيز على خارطة الطريق أكبر .. بالفعل صدقت توقعات الحكومة وجنحت نحو الحوار معظم القوى المعارضة ذات التأثير.. صحيح ليست كل قوى نداء السودان على قلب الإمام الصادق من التسوية ..بعضها يحاول تقديم تنازلات بهدف كسب الوقت.. هذه القوى المتشككة ستمارس سياسة تشتيت الكرة وإضاعة الزمن وبصرها مشدود على نتيجة الانتخابات الامريكية في الشتاء القادم .
في هذا الوقت من المهم تجميد الحوار الوطني في مرحلة إعلان التوصيات.. بعدها تتاح للقوى التي وافقت على التوقيع على خارطة الطريق، إضافة إلى ما تراه من توصيات جديدة ..هذه الفكرة تؤدي لكسب الوقت..العودة إلى نقطة الصفر تعني إهدار موارد سودانية..المؤتمر العام المقترح يتم عقده للنظر في كل التوصيات الجديدة والقديمة وبمشاركة الجميع..هذا يمنح القوى التى التحقت بمساعي التسوية الشاملة الإحساس بأنها شريك أصيل في كل التفاصيل، وليست مجرد صحبة راكب في قطار يسير بسرعة عالية.
في تقديري..إن تجميد الحوار الوطني يمثل (قولة خير) فقط..المطلوب من الحكومة السودانية تقديم مزيد من التنازلات..الإسراع بفتح المسارات لعمليات الاغاثة والإفراج عن المحكومين في قضايا ذات شبهة سياسية مقروناً بتبادل الأسرى يعطي دفعة قوية لمسيرة التسوية السلمية في السودان.
بصراحة..حتى هذه اللحظة السلام في السودان يتم تسييره بالمكون الأجنبي ..حان وقت تقديم التنازلات الكبيرة وغير المتوقعة حتى نطوي صفحة الحرب.