> كانت ليلة السبت أمس في قاعة الصداقة بالخرطوم ، ميلاداً جديداً لأمتنا ، ونقطة مضيئة في تاريخها ، ولا يمكن قياس مدى ما وصل إليه السودانيون في تجاربهم السياسية من تفوق على الذات في النجاح بحساب احتشاد الزمن والتاريخ في ليلة الامس ، فالجمعية العمومية للحوار الوطني ، لم تكن تقارير قدمت ولا موجهات تم إقرارها، إنما هي في حقيقتها ، ملامح أمة تختط لنفسها مساراً مختلفاً ، وترصع هامتها بجهد إبنائها ومثابرتهم في الخروج بوثيقة وتوصيات وتفاهم سيسجله التاريخ بأنه تطويع خلاق للقدرات الياسياسة والفكرية لأبناء السودان في الخروج من وحل الازمات وصياغة مشروع وطني يمكن أن يكون أنموذجاً تقتدي به الامم الاخرى وتهتدي به البلدان التي تعاني من الشقاق والفراق والدماء والحروب .. كانت ليلة أمس فريدة زمانها وأوانها ، ففي حياة الامم والشعوب لحظات تجتمع فيها الارادة الوطنية وتتلاقى فيها الهزيمة لصناعة واقع جديد، فالجمعية العمومية للحوار الوطني وبما طرح بالامس وخطاب السيد رئيس الجمهورية ورئيس الحوار الوطني وصاحب وطارح فكرته ، وما جرى من واقع، يؤكد بلا أدنى شك أن السودان وضع قدمية المتعبتين الواثقين على درب السلام والأمان والاستقرار ، فتسعمائة ونيف من التوصيات في المجالات المختلفة التي ناقشتها لجان الحوار الست على مدي اربعة شهور بتمامها وكمالها زائدا على المشاورات التي اجرتها اللجنة التنسيقية العليا والاتصالات التي قامت بها آلية (7+7) وشخصيات قومية ، هي التي سيقوم عليها الدستور الدائم القادم وترتكز عليها الحلول الكاملة التي تعالج كل الهم الوطني وتضعنا على الضفة الاخرى سالمين .. > السودان يقدم تجربة ليست مسبوقة على الإطلاق بين كل أقرانه وأترابه في أفريقيا والعالم العربي ودول العالم الثالث وبين نظرائه وأصدقائه ، هذه التجربة كانت وليدة الحاجة الملحة إلى السلام والاستقرار والتصالح ، فمنذ خطاب الوثبة في يناير 2014 ، سادت هذه الروح ، لم يسترخ اصحاب الحوار وطارحوه والمشاركون فيه دعوة الممانعين والمقاطعين، بل مدت الأيادي بيضاء من غير سوء ، وفتحت القلوب من غير ضغينة أو حقد أو مكر ، تمدد الحوار في امتداداته كلها ، لم يصب الناس اليأس ولا العجز ولا الإحباط ، كانت البدايات شاقة والتفاهم صعباً لكن مع الأيام لأن الذي ثار وإنقاد الذي جمحا، لانت القلوب وتقاربت الافكار وتباعدت الضغائن ، وتجمعت الارواح والانفس على حب وطن يستحق أن يعيش عزيزاً وكريماً وآمناً .. > في جلسة الجمعية العمومية بالامس، جاء خطاب السيد الرئيس ورئيس الحوار الوطني واضحاً وقوياً وجامعاً للصف وموحداً للكلمة ومتجاوزاً لكل ما مضي منادياً لمن أبي ، ومادا اليد لمن تعنت ، وكاسرا الحواجز التي حرمت الآخرين من المشاركة والإسهام ، ولامس الخطاب تطلعات الشعب وآماله ، بلغة واضحة وكلمات مليئة بالتفاؤل والثقة ، وجاءت التقارير مبينة في تفاصيلها ، وضعت كل شيء وبالارقام امام الجمعية العمومية وكان الامين العام للحوار الوطني بروف هاشم علي سالم في قمة تألقه الفكري والوطني قدم تقريراً جامعاً مفيداً مليئاً بالمعلومات المدهشة والرصد الدقيق وبلغة سهلة واسلوب شائق جذب إليه الجميع وشد الانتباه ، وكذا فعل البروف حسين سليمان ابو صالح في تقرير لجنة الحوار المجتمعي والسيد احمد سعد عمر في تقرير اللجنة التنسيقية العليا ، وكانت المداخلات كلها من عضوية الجميعة العمومية على قدر المسؤولية عبرت عن كل هموم وقضايا الشعب الشعب السوداني أعطت الامل في إمكانية ان نجابه واقعنا ونبني مستقبلنا وننطلق للامام دون خوف أو توجس .. > ينبغي ان نعض علي الحوار الوطني وتوصياته بالنواجذ ، فهو الفرصة الاخيرة لشعب السودان لتقوية وحدته وتحقيق طموحاته في التنمية والنهضة والصعود مع الشعوب التي وصلت إلي مبتغاها ، وهي فرصة لتناسي مرارات الحروب والمواجهات والقطيعة النفسية وكل الاسباب التي أقعدت بنا وحرمتنا من النهوض منذ الاستقلال .. > نحن علي موعد مع قدرنا السعيد ، إذا أفلح الإخوة في المعارضة السياسية والمسلحة يوم غد الإثنين في توقيع خريطة الطريق في أديس ابابا وحققوا ما وعدوا به واقبلوا علي الحوار الوطني والتفاوض وشاركوا الجميع في بناء السودان الذي نحلم به وعززوا فينا الشعور الخالد المركوز في قلب كل منا وهو يردد انا سوداني .. رئيس التحرير