عبد الله الشيخ : الشّكْشَاكَة..!

صدِّقني يا شيخنا..أي تصريحات حالمة عن خارطة الطريق، أو أي كلام عن “نتائج طيِّبة” يمكن أن تتوصل إليها لجنة الـ “سبعة زايد سبعة” مع المعارضة، سيكون حديثاً عصياً فى العاصمة السودانية ..! مثل هذا الحديث، يا شيخنا، إن عاصمة دولة الصحابة، غرقت في “شكْشَاكَة”مطر ، لم يتجاوز هطولها سويعات..!
زخات مطر قليل، يا شيخنا ، جعلت أهالى العاصمة في تعاسة المقيمين في بنغازي والقامشلي.. ويعلم الله ، كيف سيكون حال هذه القرية الكبيرة، إذا عاودت السماء النزيف..حال الخرطوم في هذا الفصل الماطر تبدو مرعبة..حتى الكمساري أو بائع أكياس النايلون، يستطيع التنظير في الشؤون الهندسية التي تعاني منها ولاية الخرطوم ، مع أن واليها مهندس حربي، ومن قبله كان يحكمها والٍ يحمل درجة الدكتوراة..!
هذه المدينة “قايمة غلط” بالتالي، من الصعب إصلاح حالها لتكون مثل بقية العواصم التي تتفضّلون بزيارتها للاسترواح، ولهذا أيضاً، فإنه من الظلم الفادح، إلقاء اللّوم على الوالي وحده ، فالتخطيط والإدارة، ملمح فقط، من ملامح أزمة السودان.. شكْشَاكَة المطر، عملت العمايل، لكنها لن تغذي الأمل في أن تكون هي الفصل الأخير من المسرحية، أو تدفع كبار المسؤولين، إلى إقالة بعض المرافقين، الذين شوهدوا وهُم يخوضون مع الوالي فى السيل..! كل الدلائل تشير إلى أن الحكومة، بكامل طاقمها سوف “تستميت”..فهذا ليس بِدعاً عندهم، ولا هذا هو أول خريف لولاية عم عبد الرحيم ، وليس هو آخر خريف لثورة الإنقاذ الوطني التي غرق مطارها في الوحل.. ففي كل عام ــ يارعاك الله ــ تغطس الخرطوم في الخريف، وفي مؤتمرات الاستعداد له، و ما ينتظر أهاليها في هذا الفصل الراعف كثير..وقبل قليل سرت إشاعة قوية، تقول إن سيولاً جارفة تزحف من سهوب البطانة نحو مناطق أم ضواً بان ومرابيع الشريف بشرق النيل..ربما تصل هذه السيول وربما تأخذ طريقاً آخر، لكن للإشاعة أيضاً فوائدها في دولة الصحابة، من فوائدها، أنّها تمكِّن الشعب من سوانِح النظر، في وجوه المسؤولين عشّاق الكاميرات..الدولة في بلاد السودان تمارس الهزار الرسمي، مع الغرقى ،وجُند الولاية وآليات شركات الأخوان، تبدأ حفر المجاري بعد بدء الخريف، وهيئة تجميل العاصمة تقوم بإزالة التلتوارات التي لا بأس بها، لاستبدالها بأخرى جديدة، وتركِّب بلاطاً في الشوارع المهمة، وتزيحه خلال شهور، “نِظام نِحن شغّالين”.. وشارع السيد عبد الرحمن تم تحفيره قبل سنة، ولم يزل على حاله، فأي شركة هذه التي وقع عليها العطاء، ومن يحاسبها، ومن ـ ومن..؟ الخرطوم تريّفت تماماً ، وما تمشي بعيد..الخرطوم 2 ، أرقى أحياء العاصمة ، والخرطوم 3 ، الحي الذي تغنى بحسنه أُمراء حقيبة الفن، كلاهما، يغطس في الحفر والأنقاض والمستنقعات..حي العُشرة مثله مثل حال بقية الأحياء، يخوض في الوحل وتعوي في ليله الضفادع..لا أمل في معالجة هذا الشغب العمراني، كما وصفه حبيبنا منصور خالد..لا أمل في تلافي خريف دولة الصحابة..إذا ردمت الشوارع، فسيكون مستوى الشوارع أعلى من عتب الأبواب، فتنسكب المياه إلى داخل الحيشان والغرف..وإذا ردمت داخل البيوت، تسربت المياه من الشبابيك، وإذا رفعت الشبابيك سمتاً، فإنك تبني فوق أساس بالٍ..وإذا جازفت وكسرت الحيطان لتبني، ولو غرفة واحدة تحتمل مطر الخريف ــ الله أعلم ــ تقدر تبني، إذا كان شوال الأسمنت يناهز الدخل الشهري، الذي حدده الدكتور ربيع عبد العاطي.. وبالمناسبة، هل جادت قريحة د. ربيع بشيء ، خلال هذه الشّكْشَاكَة..!؟

Exit mobile version