تجمع غريب في مدخل الشارع ..قرون الاستشعار التي تحفزت في داخلي ..سرعان ما خاب املها ..عندما لمحت من على البعد سليمان سيد اللبن وخضر الخدرجي ..يبدو ان هناك معرفة بينهما ..ونسة وكلام ..وربما امور مشتبكات ..ما ان لمحني سليمان قادمة ..حتى مال ناحية خضر وهمس له بكلمات جعلت الاخير يبتسم وهو ينظر في اتجاهي …اكيد قال له (عاملة لينا فيها دكتورة ..ودايرة تقول لي سوي كدي وما تسوي كدي ..اها منعتها اللبن ..خلي قرايتها تنفعها)…ان كان قال ذلك فقد صدق ..فلازلت ارزح تحت نير الحصار (اللبني) ..فلا هو يبيع لي ..ولا يترك احدا غيره ..تبا ثم تبا .
ضحكت وانا أتذكر طرفة بلدياتي ..الذي مر بجماعة ..كان فيهم من يبغضه ..ولكنه لم يستطع المرور بدون القاء التحية ..فالبقية الباقية يعزهم ويكن لهم من الود اكثره ..فما كان منه الا ان قال لهم (بقدوني سلام) ..ويعني (السلام على البعض منكم) ..فصارت مثلا …ترى كيف القي التحية على (خدر) واوحي لسليمان انني لا زلت صامدة رغم الحصار ؟؟ كيف ؟؟
نساء هذه المناطق ..لا يخرجن بانفسهن لشراء الحليب ..او اختيار الخضار ..يتركنه للعاملات الاثيوبيات ..اللاتي يجدنها فرصة طيبة للحديث وتبادل الشمارات والضحكات ..وحدها (مادلين) الفلبينية طباخة المستشار ..تجدها (مركزة) مع ميزان خضر ..تجادله بالانجليزية ..ويهز رأسه ضاحكا من (رطانتها)…كان علي ان اشق طريقي بين الناطقين بغيرها ..مترددة ..اريد القاء التحية على خدر ..وفي ذات الوقت انوي ان أكشر في وجه سليمان سيد اللبن ..الذي اشاع ان (عيني حارة ) لأنني تساءلت ببراءة عندما كان الود موصولا بيننا في ذلك الزمن الجميل ..قلت له (انت يا سليمان ..كيف الحليب بتاعك دا يكون قاعد كويس الزمن دا كلو ..انت شكلك بتضيف ليهو بنسلين)..فحوقل وبسمل …وكان (اخر عهدي به) ..حتى وصلني (الشمار) اشاعة ( عيني حارة ) وان يوم سؤالي ذاك (اللبن رقد جبنة )
…ربما لذلك تراجعت عزومات لمة النسوان ..او اصبحت تأتيني على استحياء …فصار الحصار محكما اكثر من الحصار الامريكي .
يا ناس حماية المستهلك ..هل هناك متابع لما يحدث في دنيا الالبان ؟؟؟ .. هل هناك اتحاد لبائعي اللبن ؟؟ يعني هل لهم قانون يحكمهم ؟..اذا اردت ان اتذمر او اشتكي ..الى أين اتجه؟؟ من بيده (الريموت) ؟؟..باعة اللبن يرفعون الاسعار ..على كيفهم ..قلنا ماشي (ما فوكا شئ) ..هل هناك جهة محددة تفحص هذه الالبان؟؟ ..او مدى صلاحية الحليب ؟؟ هل يخضع الحليب للكشف عن اضافة المضادات الحيوية التي تطيل عمر الصلاحية ولكنها في المقابل تبعاتها الضارة التي لا تعد ولا تحصى ؟؟ ..ام نعتمد جميعا على المعلومات السمعية ..بان فلانا يبيع نوعا جيدا ..و(القشطة تشيليها بالكمشة !!)..المشكلة عند اثارة هذه التساؤلات .. لا احد يتضامن معك ..يتركونك تواجه الامر وحيدا ..بل ينظرون اليك وفي وجه كل منهم تستبين كلمة (كبسور) ..
..بين صخب التجمع ..وضحكات الفتيات ..القيت التحية متحاشية النظر في اتجاه سليمان ..و (الشمار حارقني).. ترى ما الذي همس به سليمان لخضر؟؟ ..هززت كتفي غير عابئة ..يعني حيكون قال شنو؟؟ ..اكتر من (عيني حارة) ؟؟ الشئ الذي اضحكني هو الاغنية التي كان يصدح بها مسجل ادم.. (ابو لي بيه يا اللبن ).