تعاملت اثوبيا بذكاء وحكمة وسياسة حينما استضافت فعاليات منتدى العزة والكرامة الافريقية بجامعة اديس ابابا والتى جرت بقاعة نيلسون مانديلا حيث تم تكريم المشير عمر البشير رئيس الجمهورية باعتباره رمزا لافريقيا الجديدة الناهضة ضد الاستهداف التامرى المكشوف.
لم تضفى اثيوبيا طابعا رسميا او سياسيا , ولم تتدخل مباشرة فى رسم واخراج سيناريو الفعاليات , لذلك عكست فعاليات المنتدى الانفعال والتفاعل المجتمعى الافريقى , ممثلا فى المبادرة الأفريقية للعزة والكرامة” , وهى مؤسسة غير حكومية، تضم مجموعة من الأكاديميين من مختلف البلدان الأفريقية , تسعى لنهضة القارة، ورفض التدخل الأجنبي في شؤونها, وقد اختارت الرئيس البشير كافضل شخصية افريقية هذا العام , ومنحته فى بصمة وفاء وتقدير وساما رفيعا , لانه خلال عقد ونصف العقد كان ملء السمع والبصر والميديا .
لم يقف البشيرضد حقوق الانسان واعطى الاشقاء بجنوب الوطن حق تقرير مصيرهم بأنفسهم فى استفتاء شهير تاريخى وارتضوا طوعا او كرها الانفصال , وهو الذى لم يقف ضد الديمقراطية وممارستها بعد ان اعاد التنظيمات الحزبية لتمارس حقها الديمقراطى علانية ومن خلال انتخابات برلمانية ورئاسية جرت العام 2011م والثانية 2015م وهو الذى لم يقف ضد التحاور والتفاوض الذى نتج عنه عودة بعض الحركات المسلحة من المقاتلة والمشاركة فى الحكم , وهو الذى لم يقف رغبة جميع اهل السودان فى ان يقرروا كيف يحكمون , لذلك اطلق مبادرة (الحوار الوطنى)
لكن الرئيس البشير وقف متحديا (الجنائية) الاداة السياسية التى قامت لاستهداف زعماء العالم الثالث فقط (تخصص) واستطاع ان يكسر شوكتها وهيبتها مما يعنى انه اصبح رمزا للقادة الافارقة وشخصية مؤثرة فى الاحداث داخل السودان بما قدم واعطى وفى محيطه الافريقى بمساهمته ومشاركاته الفاعلة وبالتالى جراء هذا الحراك السياسى والمجتمعى اختاره رجالات الفكر والقانون واساتذة الجامعات الافريقية شخصية جديرة بالتكريم .
نعود للحكمة الافريقية لاثيوبيا التى تعاملت بذكاء مع الفعاليات وارسلت رسائل لمن يهمهم الامر تفيد ان افريقيا اختارت واحتفلت وكرمت الرئيس البشير داخل مؤسسة جامعية مرموقة ولذلك لم تضع اى لمسة سياسية ظاهرة او اى اجراءات رسمية طاغية نظرا لانها اى اثيوبيا حاضنة لمقر الاتحاد الافريقى فأنتهجت الحياد سبيلا , ولم يكن ممثلها فى الفعاليات الرئيس او رئيس الوزراء او الخارجية او الدفاع او الرى والسدود وانما وزير الداخلية حتى لاتعطى اشارات يقرأها الاخرون بسلبية .
لقد ارادت افريقيا ان ترد بعض الوفاء لما قدمه السودان تجاه افريقيا منذ منتصف القرن الماضى حينما احتضن الكوادر القيادية للمناضلين والثوار الافارقة ابان حقبة المناضلة والمكافحة ضد الاستعمار الاستيطانى القديم , وحينما استقبل السودان اللاجئيين من ويلات الجفاف والمجاعة والحروب الاهلية من شرق وغرب افريقيا فى اوائل ثمانينيات القرن الماضى , ثم انه السودان الذى انشأ جامعة افريقيا العالمية لتخريج الكوادر والقادة والاساتذة ناهيك عما قدمه لمعظم الاشقاء الافارقة حينما بدأوا انشاء نظمهم السياسية والاقتصادية والعسكرية والتعليمية والقانونية والثقافية والرياضية والاعلامية ولم يطلب شكرا وتقديرا لانه يمثل قلب القارة وجسرها الحضارى واخيرا رمزها القوى ضد كل محالاوت الاستهداف والتأمر .
كتب سعيد الطيب
(سونا)