الوضع السياسي الراهن يحتاج الي قراءة صحيحة استنادا الي الحيثيات وقرائن الاحوال لمعرفة الأسباب الكامنة من وراء ما آلت اليه هذه الدولة من مهازل سياسية وفرقة وشتات وضائقة معيشية وقتل واقتتال منذ أن نالت الاستقلال قبل نصف قرن ونيف من الزمان لم تندمل الجراح بعد ولا حتي غسلت بطون الفرق المتقاتلة من سلبيات الحرب وافرازاتها بل هنالك اختلافات في وجهات النظر وتناقضا في المبادئ والأهداف.
يجب أن يعرف الجميع أن الشعب السوداني بحكم طبعه المكتسب من الأدب الجم مثالي وعفوي وطيب القلب يتحمل من المآسي والويلات ما ينوء بحمله الفيل. هذا الشعب الابي الأصيل يحترم الشخصيات الاعتبارية من أبناء وطنه سواء كانت عسكرية أم مدنية ويكن لها التقدير الفائق ويوقر بيوت الدين الكبيرة ورؤساء الأحزاب السياسية ويتفاني في خدمتها حتي ولو أدى ذلك للمجازفة بحياته كما يصدق اي وعود بالرفاهية والعيشة الهنية يوعده بها اي نظام أهلته الظروف ووثب في سدة فوهة السلطة. يقف الشعب الي جانبه بدون ابداء اي شكوك او تحفظات علة ذلك لتوخي الخير في تلك الحكومة لتنتشله من بؤر الفساد الممثلة في التعدي علي المال العام. وتوعيه من الجهل المشبع بالعناد وتحميه من زاوية أمنية وتهيئ له من أمرها رشداً بتسعيرة في المواد الاستهلاكية الضرورية لكي تناسب المرتب الشهري . فعلي ضوء هذا الأساس طبق في القطر السوداني جميع النظريات السياسية والاقتصادية ولم يتقدم خطوة واحدة الي الامام لماذا؟
لأن الحرب لم تقف وسيظل الوضع كما هو عليه الآن في المد والجزر ما دامت الحرب هي القاسم المشترك الأعظم في القضايا المختلف حولها علي أرض الواقع
يرى الشخص العاقل البالغ رشده أن الدولة ذاهبة نحو التفكك والتجزء والانهيار من شتى دروب الحياة الاجتماعية وسوف يري الجميع حكومة وشعباً تداعيات الموقف وأثره علي المجتمع إذا لم يفطن الحكام الذين يديرون الدولة وحملة السلاح من الحركات المسلحة لما سوف يحصل مستقبلا من مصائب محتملة إذا تمادوا في عدم الجنوح الي المصالحة الوطنية العاجلة علي أقل تقدير ليجنبوا البلاد الكفاوي والابتلاءات ويستحسن أن يلحقوا دولة السودان قبل فوات الأوان.
أعلل ذلك : الحرب هي شؤماً علي اي حكومة وتحول دون تطبيق البرامج المعدة من أجل التنمية لتنفيذها الي واقع معاش يساعد في تقدم وازدهار الدولة لأن الحكومة تكون مشغولة بالصرف علي المجهود الحربي لاستتباب الأمن والاستقرار وذلك من أجل اخماد التمرد عليها بالردع لبسط هيبتها، فإذا قدر الله وأصبحت هنالك اتفاقية سلام يبدأ عد تنازلي اخر هو بناء البنية التحتية للمنشآت العامة التي دمرتها الحرب، كما هنالك مؤشرات ثانوية آخري يجب أن يشار إليها بالبنان في كونها زادت من الطين بلة وقللت من حجم الخدمات الاجتماعية الملحة، المفروض ان تقدمها الدولة الى رعاياها من المواطنين هو التوسيع في قاعدة المشاركة في السلطة المركز والولايات لتقصير الظل الاداري فعدد نواب الرئيس ومساعديه ومستشاريه والوزراء الاتحاديين ووزراء الدولة وولاة الولايات والوزراء الولايئيين ومعتمدي المحليات، هذا الكم الكبير من المسئولين توظيفهم أكبر بكثير من حجم الدولة وكان بمثابة بند رئيسي في تبديد المال العام لصرفه على الرواتب والمخصصات مما زاد هذا الصرف الضرائب والاتاوات والجبايات علي المواطنين لمكافئة الدخل مع المنصرف، تلك الأسباب هي من وراء الواقع المتردي من شتي دروب الحياة الاجتماعية في الدولة ونتج من جراءها عدم تمكن الحكومة الراهنة لتقديم أبسط الخدمات الملزمة قانونا أن تقدمها الى مواطنيها كمعالجة الغلاء الفاحش في السلع الاستهلاكية ومجانية التعليم والعلاج. وهكذا من الضروريات الأساسية الواقعة علي عاتقها. لأن الدولة فاقدة للمال اللازم لمعالجة مثل تلك الاشكاليات “وفاقد الشيء لا يعطيه”
نخلص القول وضح ما لا يدع مجالاً للشك أن الاسباب الكامنة في ما آلت اليه هذه الدولة من مشاكل اجتماعية جمة سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو أمنية سببها ما نوهت اليه أعلاه . فللخروج من هذه المعمعة مطلوب وقف الحرب عاجلاً لكي يذهب بند الصرف على المجهود الحربي للتنمية والاعمار وتقليص حجم الحكومة في المركز والولايات لتخفيض عدد الموظفين القائمين على الأمور الآن ليذهب المبلغ الراجع من الخصخصة الى الخزنة العامة ليصرف في التنمية وبناء المنشآت الحيوية .
وهذا ما لزم توضيحه بايجاز
متطوع لنشر مفهوم ثقافة السلام ورتق النسيج الاجتماعي
الوان