> جلسة مصغرة جمعتنا في عاصمة جمهورية الصين الشعبية (بكين) بقيادات إعلامية من أنحاء العالم المختلفة مثلوا مؤسساتهم في منتدى مبادرة الحزام والطريق 2016م الذي نظمته صحيفة الشعب الصينية في الخامس والعشرين من شهر يوليو الماضي. > فاجأنا ممثل وكالة (رويترز) بأن عدد المستفيدين وقراء الوكالة تجاوزوا المليار قارئ في الشهر. وهي زيادة مهولة في عدد مستخدمي الانترنت والباحثين عن الأخبار والمعلومات في الشبكة العنكبوتية. > ممثل صحيفة (ديلي ميل) البريطانية حذر من خطر الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي على الصحافة الورقية التي تمت تسميتها فعلياً بالإعلام التقليدي القديم. وقال إن تراجع توزيع النسخة الورقية من (ديلي ميل) أجبرهم على الاهتمام بالموقع الالكتروني للصحيفة الذي وجد رواجاً كبيراً وفاق عدد مرتاديه حد التصور. > ممثلو الصحف من جنوب افريقيا وسنغافورة وتايلاند والهند وروسيا والزملاء من الوطن العربي وافريقيا أجمعوا على أن شبح التكنولوجيا صار يهدد بقاء واستقرار الصحافة الورقية في بلادهم، وأنهم يتباحثون ويتفاكرون حول كيفية الصمود أمام هذا الاجتياح. > شخصياً لست قلقاً على مستقبل صحافتنا لأنها مصدر الخبر الصادق. وفي ظل التدفق الهائل للمعلومات يحتار المتلقي لأن المعلومة تأتيه بأكثر من وجه. ويظل يبحث عن الحقيقة و (الغربال) الذي يمحص ويدقق ويقدم المادة الرصينة والخبر اليقين. > أيضاً في الصحافة نجد الرأي والتحليل والحوار والتحقيق والتقرير والمنوعات والثقافة مصاغة بقوالب جاذبة لا تتوافر في وسائل كثيرة. ثم إن الإلفة التي تجمع القارئ بصحيفته يجعل فراقها صعباً. > على الصحافة الورقية الاتجاه نحو التحقيقات الاستقصائية والبحث عن السبق الصحفي وإجراء حوارات ساخنة تصنع الأحداث وتحرك الساكن في القضايا المختلفة، إلى جانب الاهتمام بتدريب الكوادر وابتكار أساليب ومهارات جديدة في الصياغة وفنون التحرير الصحفي. > في السودان لا يختلف الواقع كثيراً عن بقية العالم، حيث تراجعت مبيعات الصحف بصورة كبيرة في السنوات الأخيرة، واكتفى القارئ بمطالعة العناوين والأخبار والأعمدة في هاتفه المحمول عبر (قروبات الواتساب) او الدخول لموقع الصحيفة الالكتروني. > صارت صناعة الصحافة مكلفة وطاردة بعد أن تكبد معظم الناشرين خسائر فادحة أجبرت بعضهم على مغادرة السوق نهائياً والبعض الآخر يترنح والبقية تتماسك وتبحث عن حلول لتغطية العجز على أمل أن ينصلح الحال. > مجموعة من الصحف ستزيد اليوم الإثنين سعر نسختها في محاولة لإنعاش مدخلاتها لأجل الاستمرار في الصدور في ظل واقع اقتصادي صعب ينتظر فيه العاملون تحسين مرتباتهم مع حوافز الأعياد والإجادة ونثريات تسيير العمل اليومي من اتصالات وترحيل وغيرها من منصرفات. > ولا ننسى الزيادة الكبيرة التي طرأت على أسعار طباعة الصحف بفعل الارتفاع المتواصل للدولار والضرائب المفروضة على الورق والأحبار والاسبيرات. وبالمقابل نجد ان انخفاض عائد الإعلان والتوزيع خلق فجوة كبيرة ظلت حلول تجسيرها مفقودة حتى كتابة هذه السطور. > في ظل هذه المعطيات يبرز السؤال هل تمثل الزيادة حلاً لأزمة الصحافة في بلادي؟ نحتاج إلى إجابة كبيرة تنهي معاناة المؤسسات الصحفية والعاملين فيها حتى يعود الرونق والبريق للمكاتب وصالات التحرير، وتعود الأقلام التي هجرت المهنة بعد أن بارت كثير من الإصدارات وناءت (الدفارات) بحملها الثقيل وامتلأت المخازن بالراجع المعلن والمخبوء.