* فات على الكثيرين الحيلة الجديدة لزيادة الاسعار التي ابتدعتها الحكومة وهي تظن أن (حيلتها) يمكن أن تمر بدون ان ينتبه اليها احد، ولكنها واهمة ولا تخدع إلا نفسها، فإن كانت الحيلة قد فاتت على الشعب، فلن يفوته أن يشعر بضغطها على رقبته، والتعبير عن غضبه بوضوح، ولن يكون بمقدور الحكومة أن تواجهه حينذاك!!
* انتهزت الحكومة فرصة عطلة عيد الفطر المبارك، و(التعسيلة) السودانية المعتادة التى تواكب انتهاء هذه المناسبات، وأوعزت لبعض الجهات غير الرسمية بزيادة الاسعار، أو سكتت عن الزيادة التي فرضتها هذه الجهات بدون أن يكون لها الحق أو السلطة في فعل ذلك .. ومنها اتحاد المخابز الذى رفع سعر قطعة الخبز (وزن 80 جرام) الى خمسين قرشا بدلا عن ثلاثة وثلاثين، فنقص العدد من ثلاثة قطع بجنيه الى قطعتين فقط بجنيه، وهي زيادة لا يمكن لغالبية الشعب السودانى الفقير، أو (الذي افتقر من خطل سياسات وفساد حكومته البائسة اليائسة) ان يتحملها، او يصبر عليها أكثر مما صبر، وللصبر حدود !!
* ولقد عزا اتحاد المخابز زيادة السعر الى الارتفاع العالمى في اسعار القمح والدقيق، وهي كذبة كبيرة، ظللنا نسمعها كثيرا وكأننا شعب عبيط جاهل لا يعرف شيئا، تنطلى علينا اية كذبة او تبرير، رغم أن العالم صار (غرفة صغيرة)، ويستطيع أي طفل أن يعرف في لحظات أسعار السلع في أي مكان فى العالم، أو يحصل على المعلومة التى يريدها، بمجرد نقرة صغيرة على لوحة المفاتيح، وكلنا يعلم أن متوسط سعر أجود أنواع القمح في العالم لا يتجاوز 160 دولار أمريكى للطن المترى (1000 كجم)، أي حوالي 15 دولار لجوال الدقيق زنة (90 كجم)، بعد اضافة سعر الطحن ..إلخ، وليس 19 دولارا للجوال زنة (50 كجم) كما يحاول اتحاد المخابز أن يوهمنا، وإنما هذا السعر هو الذى تفرضه الحكومة وتحقق من ورائه ارباحا طائلة، وكان الأجدر باتحاد المخابز أن يكون شجاعا ويذكر الحقيقة ويرمي اللوم على الحكومة بدلا عن الخنوع المهين لارادتها، وتحمُل عبء الزيادة بدلا عنها!!
* ومما يُضحك، تلك المحاولة الحكومية البائسة، باظهار العين الحمراء لاتحاد المخابز واصحاب المخابز وتحذيرهم من زيادة اسعار الخبز، والعودة للسعر لقديم، وكأنها لا تدري عنه شيئا، بينما هي من تقف وراء الزيادة التى لا تعدو ان تكون مسرحية سخيفة مثل كل المسرحيات الحكومية الاخرى، ولكن لا بد ان يكون لكل مسرحية نهاية مثل ما لها من بداية!!
* نفس الشيء حدث فى (تعرفة المواصلات) التي تضاعفت بدون اعلان رسمى، ولم تنبث الحكومة ببنت شفة، ولا شك انها سعيدة بذلك، وهو أمر سيحدث فى سلع أخرى كثيرة أخرى، منها الماء والكهرباء والمواد البترولية، رغم الوعد الرئاسي القاطع في يناير الماضي خلال اعياد الاستقلال، وهو وعد تكرر كثير ولم ير النور، بأن معيشة المواطن خط أحمر، ولكن يبدو أن الخط الأحمر هو ما تجنيه الحكومة من عرق ومعاناة المواطنين، وليس العكس!!
* لا بد أن تدرك الحكومة يوما ما أن معيشة المواطن فعلا خط أحمر، وستتمنى لو لم تتجرأ على التفكير في تجاوزه .. ولكن لن يكون أمامها حينذاك اى فرصة للتمنيات، وإن غدا لناظره قريب !!