{هل ستظل الحكومة تنتظر وتتفرج بكل هدوء وبرود على هذا التراجع اليومي المريع للعملة الوطنية مقابل كل العملات الأجنبية، بما فيها “البر” الإثيوبي و”النقفة” الإريترية ؟!!
{هل هناك بالفعل قطاع اقتصادي حقيقي وفاعل في مجلس الوزراء وهو المسؤول عن مراقبة ومتابعة تنفيذ السياسات الاقتصادية للدولة؟!
{هل هناك قطاع اقتصادي في حزب (المؤتمر الوطني) قادر ومتحكم ومكلف بوضع السياسات العامة للدولة، ومتابعتها، ومحاسبة الوزير وكل الطاقم التنفيذي في وزارة المالية وبنك السودان ؟!
{ما يحدث اليوم من انهيار كامل و(صامت) للجنيه السوداني، لا يشير إلى أن هناك مؤسسات اقتصادية فاعلة تضم خبراء ومختصين تعمل بجدية واهتمام ومفوضة باتخاذ القرار.
{في حواري التلفزيوني على شاشة (الخضراء) مع وزير المالية الأشهر والأسبق السيد “عبد الرحيم حمدي” خلال شهر رمضان الفائت، أكد لي أن قطاع الاقتصاد بالحزب في عقد تسعينيات القرن المنصرم، كان هو الذي يدير ويراقب الأداء الاقتصادي للدولة، عبر اجتماعات طويلة ومستمرة، ولا يطلق الحبل على الغارب للوزير ومساعديه.
{والفرق واضح، بين دولة كان يحاربها في التسعينيات كل العالم، وغالب دول الجوار بما في ذلك إثيوبيا وإريتريا، ومنهكة في حرب قاسية ومكلفة جداً في مساحة دولة شاسعة هي الآن جمهورية جنوب السودان، ولم تكن حكومتنا يومها تملك برميلاً واحداً من (البترول)، ولا نص كيلو من (الذهب) الذي يصدر منه بالأطنان في زماننا هذا الوزير المجتهد “أحمد الكاروري”، وبالتأكيد لم تكن صادراتنا أكثر من وارداتنا، ورغم ذلك كان (جنيهنا) محترماً ومستقراً، ولا ينخفض مقابل الدولار كل يوم كما يحدث في السنوات الأخيرة!!
{الفرق واضح بين هذي وتلك، وهو فرق (إداري) لا لبس فيه ولا غبش، فرق بين إدارة “عبد الرحيم حمدي” والمرحوم “عبد الوهاب عثمان” وبين من تلاهما في المقعد مثل “علي محمود” و”بدر الدين محمود ” !!
{وفرق شاسع بين إدارة الراحل الشيخ “حسن الترابي” للحزب أو خليفته البروف “إبراهيم أحمد عمر” أو الدكتور “نافع علي نافع”، وبين إدارة المهندس “إبراهيم محمود” للحزب، حيث يغيب الحزب – حالياً – عن مواضع اتخاذ القرار، بعد أن دخل في بيات شتوي وصيفي وخريفي كمان !!
{ولهذا .. لا أحد يسأل أحداً، غير متابعات واجتهادات الفريق أول “بكري حسن صالح” النائب الأول لرئيس الجمهورية، ولكن ماذا يفعل سعادة الفريق “بكري” وحده، عندما تغيب المؤسسات ويغيب الخبراء والمختصون، وينفرد كل وزير بالملف، حتى وزير الدولة تجده مغيباً ؟!
{لابد من وقفة كبيرة، ودق ناقوس الخطر بشدة، فالتحدي أمام حكومتنا اليوم ليس التوقيع على (خارطة الطريق) صناعة السيد “أمبيكي” وأمريكا، ولا التطبيع مع أمريكا، فقد كان (الدولار) ثابتاً لثلاث سنوات متتالية في سعر واحد في السوق الموازية في عهد الهرم “عبد الوهاب”، عندما كانت قيادة الدولة تهتف في احتفالات عرس الشهيد: (أمريكا .. روسيا قد دنا عذابها .. علي إن لاقيتها ضرابها …) !!
{التحدي الماثل الآن ويهدد وجود الدولة كلها هو الاقتصاد ..
والاقتصاد هو إدارة الموارد على قلتها وضبط المصروفات، وليس سحر وبهلوانيات وفهلوة ورحلات عديمة الفائدة .
الاقتصاد .. الاقتصاد .. الاقتصاد …
الدولار .. اليورو ..الريال .. والدرهم .
يا جماعة … عووووك.