عندما تركض مارغريت
في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016 التي تنطلق في الخامس من أغسطس القادم ستركض مارغريت رومات حسن بكل طاقتها وبكل أحلام وآمال شعب جنوب السودان الذي يركض لسنوات بعيدة عن الحرب، ولكن ألسنة اللهب وكراته المشتعلة كانت أسرع من الجميع. وفي أحدث موجات العنف، وبالتزامن مع العيد الخامس لاستقلال الدولة الأحدث في العالم اندلع الحريق مجدداً بين أنصار الرئيس سلفاكير ونائبه رياك مشار ما أدى إلى مقتل 300 وتشريد عشرات الآلاف وبث الرعب والخوف من انزلاق البلاد مجددا في أتون حرب أهلية ثالثة، وسط هذه الأجواء القاتمة هناك طاقة للأمل تفتحها الرياضة، حيث يستعد وفد جنوب السودان المشارك في أولمبياد ريودي جانيرو لأول مرة ف تاريخ البلاد بعد أن اعتمدت اللجنة الدولية الأولمبية عضوية جنوب السودان في 2015، ويشارك اثنان من الرياضيين في هذا المحفل الدولي تحت علم جنوب السودان، وهما العداءة مارغريت رومات حسن 19 عاما التي تشارك في سباقات 200 و400 متر وزميلها سانتينو كيناي 16عاما الذي سينافس في سباق 1500 متر.
ومارغريت التي انتشرت صورتها كمروج لشركة سامسونج باتت تحمل راية جنوب السودان في الأولمبياد، ومع شح الإمكانيات وغياب ميادين ومعدات التدريبات وحتى وجبة الإفطار، تواصل مارغريت بعزيمة وإصرار التحضير لحصد الذهب وإعادة الأمل والبسمة لبلد مزقته الحرب، وتقول في شريط فيديو بثته على موقع يوتيوب: “أحيانا أصحو من النوم فأجد إفطارا وفي اليوم التالي لا أجد الأفطار، ولكنني أملك الحماس والشجاعة وسأنجح”.
إذن عندما تركض مارغريت في مضمار المنافسة الدولية، فإن العالم حينها لا يهتم بمتابعة حرب الإخوة الأعداء بين سلفاكير ومشار، وإنما الجميع يتطلع إلى مارغريت وزملائها من جنوب السودان الذين سوف يشاركون تحت علم وشعار دولة جنوب السودان أو الذين يشاركون ضمن فريق اللاجئين الدولي الذي يضم كذلك رياضيين من سوريا وإثيوبيا والكونغو. وأفادت اللجنة الأولمبية الدولية، أن فريق اللاجئين، الذي تم تشكيله لأول مرة في تاريخ الأولمبياد، سيشارك تحت العلم الأولمبي، وأضافت أن الهدف من مشاركتهم هو تقديم أمل للاجئين حول العالم وزيادة الاهتمام العالمي بأزمتهم.
عندما تركض مارغريت في ريو البرازيلية، فإن على سلفاكير ومشار متابعة شغف شعب جنوب السودان بالرياضة والحياة، فالآلاف في العاصمة جوبا وفي الأحراش ومعسكرات اللجوء ودياسبورات الشتات سيتابعون خطوات مارغريت، ونبضات قلوبهم تعلو وتهبط مع كل خطوة أملا في التتويج بميدالية تعيد بلادهم إلى واجهة الإعلام الدولي بأخبار سارة بدلا عن الحضور الدائم بأخبار الحروب والمجاعات والنزاعات.
عندما تركض مارغريت تركض معها أحلام وآمال جنوب السودان، فعليها أن لاتبطئ الخطى ولا تخيب الآمال.