ليس مهماً أن تلبس العلمانية «كرافتة»..!!

«1»
٭ الزعماءالعرب يقولون في سرهم وجهرهم «ألا كلُ شيء ما خلا أمريكا باطلُ».
زعم تصدقه الأقوال والأفعال وهم يعلمون أن المصطفى صلى الله عليه وسلم صعد يوماً المنبر وقال :إن أشعر كلمة قالتها (العرب) ..«ألا كل شيء ما خلا الله باطل».
٭ في قريتنا مزارع يجيد الكسب والربح وله سمت وجمال وبهاء وله منزلة في الفقه والأدب وله قبول عند الناس وقد اختار الأذان وبعده كان يقول للناس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يسمع صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة»..
٭ من الحكايات الحصيفة الحزينة.. التي تحدث في هذا الزمان البخيل.. الذي لن يطفئ غلواء نيرانه إلا الإنتاج والتدريب والصدقات أصر أستاذنا الدكتور عبد الرحمن يوسف حسن الأديب الحبيب لقلوب تلاميذه وأهله، أصر على أن نحفظها ونحن بالمدارس الوسطى.. ومازالت تجمل كراساتنا القديمة..
إن امرأة شلاء «مشلولة» دخلت على عائشة «رضي الله عنها» فقالت كان أبي يحب الصدقة وأمي تبغضها ولم تتصدق في عمرها إلا بقطعة شحم وخلقة «هدمة» .. فرأيت في المنام كأن القيامة قد قامت وكانت أمي قد غطت عورتها بالخرقة.. وفي يدها الشحمة تلحسها من العطش. .فذهبت الى أبي وهو على حوض يسقي الناس.. فطلبت منه قدحاً من ماء فسقيت أمي.. فنوديت من فوقي ألا من سقاها فشل الله يدها.. فانتبهت كما ترين..
– كان زميلنا عمر كرار يقول القصة فيها مغزى ودلالات عظيمة.. ولكن ألم تنتبهوا الى هذه الأسرة كيف أصابها الشتات يوم القيامة وكانت في الدنيا أسرة واحدة؟ ألم تنتبهوا؟
٭ ومن الحكايات التي يتداولها التصوف في الرفق ومعاملة الخلق على قدر سعتهم وعقولهم ما وراه جابر بن عبد الله رضي الله عنه.. قال كان رجل يتعبد في صومعة فأمطرت السماء وأعشبت الارض فرأى حماره يرعى في ذلك العشب فقال:
يا رب لو كان لك حمار لرعيته مع حماري هذا.. فبلغ ذلك بعض الأنبياء عليهم السلام فهمّ أن يدعو عليه فأوحى الله إليه …لا تدْعُ عليه فإني أجازي العباد على قدر عقولهم، وكانت مجموعتنا تضحك حين يعلّق ظريفها على الحكاية قائلاً «حظ فلان!!»..
«2»
٭ الزراعيون في بلادنا يعملون أساتذة جغرافيا، وأهل الجغرافيا لا يزورون بلادهم.. من هو هذا العبقري الذي لم يقل إننا مليون ميل معذب.
٭ بمناسبة الجغرافيا فإن الدكتور عبد الله زكريا عندما امتحن للجامعة كانت شهادته تدخله كل الكليات من الطب، مروراً بالهندسة حتى الآداب، لكنه اختار الجغرافيا وحضر فيها رسالة الدكتوراة بلندن، وله مرجع مهم بعنوان «الجغرافيا العسكرية» ويُدرس بكلية عسكرية محترمة خارج السودان.
في آخر محاضراته قال إن آخر المجلات والنشرات الجغرافية الامريكية المتخصصة التي تصله .. لم تكن بها هذه المرة خريطة السودان.. ورغم أن أحد السياديين سأله وأين ذهب السودان؟!
ولكنني ظللت أتساءل سراً أين الحبائب الذين في يوم ما لفتوا الخلائق»..؟!
دعك من الأرض يا رجل يا أخضر.. ولكن أجبنا أين ذهب الناس؟ وهذه المرة ليس لك طريق للالتفات أو تجاهل الإجابة!!
«2»
٭ الشمس في شتاء السودان لا تغلب والدعاش في خريفه لا يحفظ. والحر في صيفه لا يكافح، مثل الاستبداد واصرار الحكومات على أن الخطأ من صنع الجماهير.. الناس في حاجة لحزب مثل المساء والقمر وماء النيل والنفير والمسادير.. والحضور للناس والأشياء والعدالة.. الحضور الذي يجعل اللصوص والمتمردين يلقون أسلحتهم ويهربون.
سادتي إن قادة التمرد في كل مكان مثل الجريمة والجريمة لا تفيد .. ولكن كيف لنا أن نصنع معارضة نظيفة في ظل مفاهيم تعتبر أن التظاهرات خطيئة وأن الهتاف عورة.. وأن أي تجمع لا يلعلع فيه الرصاص ولا تُدار فيه كؤوس الغاز المسيل للدموع.. رومانتيك ولعب عيال.
«3»
٭ والعهدة على الراوي.. ان نميري عين أحد أبناء السودان سفيراً متجوّلاً، فحمل ورقته وذهب لدكتور بهاء الدين وسأله مستنكراً التعيين ومهمته، فقال له بهاء الدين وهو يبتسم ابتسامته تلك المحسوبة بالنسبة إياها..!! «هذا القصر يا صديقي أكثر من سبعة فدان قم وتجوّل فيه».
«4»
٭ البوليس أتى برجل وامرأة الى المحكمة الشعبية، وقال لرئيسها شيخ العرب: لقد وجدتهما داخل منزل في وضع مخل بالآداب والأخلاق..
سأله شيخ العرب: وهل كان هنالك نزاع بينهما أو خلاف.. قال: لا يا مولانا.
فرد عليه شيخ العرب: دعهما يذهبان فنحن هنا لفض الاشتباك ما بين المتنازعين والمختلفين .. أمثال هؤلاء دعهم لربهم.
ضرب البوليس تعظيم وقال في استغراب «والله برضو منطق».
فرد عليه شيخ العرب ده مش منطق يا جنابو.. دا فقه.
ضحكنا وقال ظريف المجلس ليس مهماً أن تلبس العلمانية «كرافتة»..!!
«5»
٭ لقد قلت يوماً إن أسعد الناس من يتزوج بابنة معلم.. وأسعد النساء من تتزوج بابن معلم. إنهم كوكبة من الناس تحيل البساطة الى جمال، والدخل المحدود الى ثروة.. والأعين الى أنهر والعقول الى مشاريع.
«6»
٭ الحكومة تقيف «لام ألف أحمر» والمعارضة تدعي العقلانية والوطنية.. ولا أحد له مصلحة في تكذيبها والشعب حائر.. والأمم المتحدة تعد في حقائبها.. والحقيقة مجموع كل هذه المواقف وقسمتها على أربعة..!
«7»
دخل الخليفة هشام بن عبد الملك الكعبة، فوجد سالم بن عبد الله بن عمر فقال «يا سالم هل لك حاجة أقضها لك»؟
فقال سالم «إني استحي من الله أن أسأل غيره في بيته» فلما خرج تبعه هشام وقال له «الآن وقد خرجنا فسلني حاجتك»، فقال سالم: «من حوائج الدنيا أم الآخرة؟» فقال هشام: «بل من حوائج الدنيا» فقال سالم: «ما سألت من يملكها، فكيف أسأل من لا يملكها؟».

Exit mobile version