أفراحنا. أحزانهم
والتغطية مستمرة، احتفلت بعض الأسافير منذ نحو فترة قصيرة بعبقرية الدكتور الاقتصادي السوداني العبيد حسن العبيد، مدير الإدارة الاقتصادية السابق بوزارة النفط السودانية، الذي منحه الملك سلمان (نجمة الإنجاز) على بحثه في تطوير اقتصاد صناعة النفط السعودية، بحيث ظهر دكتور العبيد إلى جانب الملك وهو يتسلم جائزته الرفيعة المستحقة، ذلك مما يجلب السعد والفخر لكل السودانيين ..
* بيد أنه في المقابل احتفل بعضهم بهذا (التفوق الوطني السوداني) على طريقتهم!!.. وذلك بإقامة مناحات وبكائيات على أن الرجل العبيد قد أرسلته الإنقاذ عند وصولها إلى الحكم عام 1989 إلي الصالح العام!!.. فبعض (ربعنا).. غفر الله لهم.. درجوا دائماً على إقامة مأتم وعويل على سفوح نجاحات الوطن!! فينحرون الذبائح ويضربون الدفوف إن أصابت الوطن جارحة أو حلت قريباً من ديارهم!!..
بالأمس، أيضاً، فرح بعضهم إسفيريا بصدور قرار تدخل أممي (مضروب) في دارفور، ووزعوه عبر القروبات، ولم يدسوا دموع مشاركاتهم الحزينة عندما اكتشفوا بأن هذا القرار صدر عام 2008 ولم يطبق حتى الآن!! (إن تصبك حسنة تسؤهم).. الآية.. تلك (غصة) أخرى سنعرض لها في حينها!!
* ونعود لموضوعنا، فدكتور العبيد المتفوق السوداني مؤخراً بالمملكة ليس بدعا من العباقرة السودانيين، الذين نفتأ نحتفل بهم كل بعدة فترة في واحدة من بلاد الدنيا!!.. غير أني سأقف في هذا المقال عند محاولة البحث عن إجابة لسؤال مقلق: لماذا يتميز السودانيون بالخارج عبر أنظمة الحكم الوطنية!!
الأطباء نموذجاً!! .. ففي إحدى المرات كنت أبحث عن طبيب باطنية ماهر بمدينة جدة السعودية، فدلوني على طبيب سوداني استقدمته المملكة بعقد خاص من المملكة المتحدة!!.. وأتصور أن كل واحد منا يحتفظ بواقعة مماثلة في هذا السياق ..
* وإذا لم نغتل هذا المبحث المهني المتجرد (بمعلباتنا) السياسية الجاهزة لمزيد من الإمعان في جلد الذات!!.. على أن الوطن أصبح طاردا من منظور سياسي بحت!!.. وليس من منظور إمكانات وامتلاك لمقومات البحث والنجاح!!.. إن لم نجنح للسياسة فستكون لنا بطبيعة الحال حلو مهنية ومعالجات منطقية.. فعلى الأقل يصبح هذا الأمر جليا في مضمار الطب والتطبيب، فذات الطبيب السوداني المستغرق في مستشفى البان جديد وإبراهيم مالك، يمكن ان يتميز إذا وجد بيئة مستشفى بمستوى بيئة مشفى الملك عبدالعزيز، أو مشافي المملكة المتحدة!!
* لم أخرج في هذا المقال للبحث عن إجابة للسؤال التقليدي: لماذا نحن أصلا متخلفون مادياً وإمكانيا!!.. لأن الإجابة على السؤال تمر بتعقيدات سياسية واقتصادية واجتماعية مثيرة للجدل والإختلاف!!.. فقط رأيت أن أوجه رسالة هي أننا يفترض أن نقلل من ثقافة جلد ذواتنا وكوادرنا في كل المجالات واغتيالهم معنوياً!! على أن ذات الكوادر إذا أتيحت لها فرص إمكانات أفضل يمكن أن تتميز بصورة مذهلة تحبس الأنفاس، كما فعل الاقتصادي السوداني العبيد، فكم فتى بمكة يشبه حمزة!!
* أتصور أننا نحتاج أن نتعافى أولا وطنيا، على ألا نحتفل بنجاحاتنا الوطنية على طريقة (هلال مريخ)!! فيفترض أن أي كسب عام يتبع للفريق الوطني القومي السوداني!!.. وهذا لا ولن يحدث، إلا إذا لم نسمح لخلافاتنا حول الحكم والحكومة، بأن تكون خلافا حول الوطن!!.. وللحديث بقية.