تلقب بـ “القارة” نسبة إلى مساحتها الشاسعة وتنوعها في الموروثات الثقافية. إنها الجزائر، حيث وصل التنوع بين أرجائها إلى عادات الأعراس، التي تزخر بالغرائب، خاصة فيما يتعلق بخروج العروس من بيت أهلها إلى عش زوجها.
فما تجده من عادات الزفاف بالشرق حيث “الشاوية”، يختلف عما في الوسط حيث “الأمازيغ” والقبائل. وما ينتشر بالغرب حيث “بنو شنوة”، يجهله أبناء الجنوب حيث “الطوارق” و”بني ميزاب”.
كسر البيضة
تقوم العروس بمنطقة القبائل (وسط الجزائر) بكسر بيضة عند وصولها باب منزلها الجديد، ويحبذ أن تكون بيضة دجاج الخم البري، ومن بيت العريس.
سعاد عرايشي ربة منزل من ولاية تيزي وزو، تذكر أنها حين زواجها قبل 32 عاماً قامت بكسر البيضة، وتتعهد أن تجعل ابنتها تمارس ذات العادة في زفافها.
عرايشي تقول، “هنا في ولاية تيزي وزو، ومنطقة القبائل عموماً، تلجأ العروس إلى كسر البيضة على أعتاب بيت العريس، بهدف كسر العين الحاسدة التي تترقبها”.
وتعتبر العادة “متوارثة أباً عن جد”، مضيفة “حتى أنني أعرف مغتربات في فرنسا قمن بنفس العادة حين دخولهن القفص الذهبي”.
وتؤكد سعاد لـ “هافينغتون بوست عربي” أن البيضة التي يتم كسرها يجب أن تتوافر على شروط، أهمها أن تكون من دجاج الخم البري، وأن تكون حديثة المولد، وهناك محلات تبيعها بسعر 20 ديناراً جزائرياً (0.2 دولار تقريباً) للبيضة الواحدة.
إخفاء حذاء العروس
وفي منطقة الهضاب العليا والشاوية (شرق الجزائر)، يلجأ الأخ الأصغر للعروس، إلى إخفاء حذائها، قبيل وصول موكب العريس بلحظات، بهدف عرقلة خروج شقيقته حتى تحقق له بعض المطالب.
يقول إسلام بلحيمر من مدينة عين آزال، “يلجأ البعض أيضاً إلى وضع الحجارة والمتاريس أمام عجلات السيارة المخصصة للعروس، حتى لا تتحرك إلا بتحقيق ولو جزء من مطالب الأخ الأصغر”.
هذه المطالب – حسب حديث بلحيمر لـ “هافينغتون بوست عربي” – تتركز على طلب مبلغ من المال وبعض الهدايا.
ويعتبر المتحدث هذا من أنواع “الدلال” المتوارث لدى الأطفال الصغار، ويعتبره كبار السن مؤشراً على العلاقة الحميمية بين البنت التي تحولت إلى عروس والأخ الصغير الرافض لمفارقة أخته.
ويتابع، “في هذه الحالة يضطر أهل العريس إلى تلبية مطالب الأخ الأصغر للعروس، وقد يسبب هذا خلافات بين العائلتين إذا كان العريس جاهلاً بهذه العادات”.
تحت جناح الأب
الغرب الجزائري له عاداته أيضاً في زفّ العروس، التي لا تخرج من بيت أهلها سوى تحت جناحي الوالد، “أطراف يديه”، خاصة في ولايات الشلف والبيض وتلمسان ومعسكر.
جيلالي بلواسع، إعلامي في صحيفة “الجمهورية” من ولاية البيض، قال إن “الخروج تحت جناح الأب دليل على انتقال الفتاة إلى حماية ثانية، هي حماية الزوج”.
ويضيف بلواسع، “جناح الأب هنا يرمز إلى الحماية والرفعة، وخروج العروس تحته دليل على الاحترام والتربية الراقية، وأغلب العرائس هنا يتم زفافهن بنفس الطريقة تقريباً، أما العروس التي لا تخرج تحت جناحي الوالد فتعتبر في نظر كبار السن خارجة عن طاعة الأب ولا تحظى باحترام الزوج”.
لا تدخل بيت زوجها إلا بالولد
من عادات الزفاف الأكثر غرابة في الجزائر ما هو معروف لدى “الطوارق” المقيمين في أقصى الجنوب، حيث تبقى العروس وزوجها في بيت والدها، حتى تضع مولودها الأول.
صالح بن عبدالله من ولاية تمنراست يقول إن هذه العادة “بدأت تندثر شيئاً فشيئاً، لكنها مازالت موجودة في بعض القبائل”.
فالزوج – حسب عبد الله – يقيم مراسيم الزفاف في بيت أهل زوجته، ويمكثان سنة أو تزيد هناك حتى ينجبان المولود الأول، وبعدها ينتقلان إلى بيت الزوج، “وهناك عدد من الأزواج يفضلون إقامة عرس جديد حين ينتقل مع زوجته وصغيرهما إلى منزله”.
هافغنتون بوست