مبارك عبده صالح : الدنيا دبنقا

من منا لم يسمع بالمليادير العربي الشهير الذي غَطّت سُمعته الآفاق: يقول عندما كان طفلاً يافعاً كان والداه يُعانيان من شظف العيش، لدرجة أنه عجز عن الاشتراك في رحلة مدرسية قيِّمة، المشاركة فيها ما يُعادل جنيهاً واحداً، أكرِّر جنيهاً واحداً، ورغم بكائه الشديد لم تستطع أسرته التي لم تكن تملك المال اللازم، وقبل يوم واحد من الرحلة أجاب إجابة صحيحة، فما كان من معلم الفصل وهو أجنبي الجنسية إلاّ أن أعطاه ما يُعادل الجنيه الواحد مكافأة له مع تصفيق الطلاب له، حينها ذهب مُسرعاً ودفع الاشتراك المطلوب للرحلة وتحوّل بكاؤه الشديد الى سعادة غامرة استمرت أيامــاً.
يضيف: كبرت وذهبت الأيام وغادر مدرسة التعليم الى مدرسة الحياة والتي نجح فيها بتفوقٍ، وأصبح من كبار المُساهمين في الأوقاف لصالح الفقراء. وقد تذكّر من أحسنوا إليه في هذه الدنيا ومن ضمنهم مُعلمه الذي حفّزه وأصبح يبحث عنه حتى عرف طريقه فخطّط للقائه والتعرُّف على أحواله. وقد التقى بمعلمه الفاضل ووجده بحالة صعبة بلا عمل ويستعد للخروج الى دولة أخرى بعد أن أُحيل للمَعَاش، وبعد التعرُّف عليه ذكر له بأنّ لديه في ذمته مَبلغٌ من المال مَضَت عليه سنوات، ولكن مُعلِّمه لا يتذكّر هذا الدَّيْن وأفاده بعدم علمه بأنّ لديه أموالاً عند أحدٍ، وهنا ذكّره بموضوع السؤال والجواب والحافز وبعد رجوعه للذاكرة، قال له هذا مبلغٌ ضئيلٌ لا يستحق عناء البحث. فذكر له المليادير: لا بد من رَدِّ هذا المبلغ لك وركب معه عربته وتوقفت عند منزل فاخر البناء والتصميم وأدخله فيه وقال له هذا سداد دَينك مع تلك السّيّارة وراتب شهري مدى الحياة. ذُهل المُدرِّس وقال: هذا كثيرٌ جداً فقال له: أصدِّقك القول إنّ فرحتي بالجنيه وقتها تفوق كثيراً من فرحتك بالمنزل والعربة والراتب، بدليل أنني ما زلت أذكرها وجعلتني أبحث عنك.
دعنا ندخل فرحة ونفرج كربة وننتظر الجزاء من الكريم.

Exit mobile version