سبق أن وصف الخبير الاقتصادي عبد الرحيم حمدي الجهاز المصرفي بعدم الشفافية، وقال إن النظام المصرفي في البلاد مثل البطيخة المقفولة فجأة يظهر مصرف يعاني من عدم توفر السيولة، وتعتبر مخاطر السيولة من أخطر أنواع المخاطر التي يتعرض لها البنك، والتي يمكن أن تنتهي به إلى الإفلاس في حالة تعرضه لأزمة سيولة شديدة وتشير الحقائق إلى أن البنوك تعاني مشاكل كثيرة حالت دون القيام بدورها في التنمية والتمويل في القطاعات الأخرى منها ضعف رأس المال والذي ترتب عليه ضعف التمويل ويؤكد بنك السودان المركزي في تصريحات صحفية أن نسبة العجز في المصارف بلغ 5.1% مقارنة بالعالمية التي تبلغ 6% مؤكداً تحسن الجهاز المصرفي، رغم ظروف الحظر الأمريكي بما لا يقل عن نسبة 20% خلال الثلاث سنوات الماضية، ودعا البنك لتوسع في قاعدة التمويل الأصغر للصناعات الصغيرة والكبيرة بغرض دعم القطاع الغذائي والجلود.وأشار إلى أن التحديات التي تواجه قطاع الصناعة تتمثل في عدم توفر المواد الخام، مؤكدا أن البنك المركزي يركز على تمويل الصناعات الدوائية لتصل إلى 83% ودعم بنسبة 23% من نسبة 10% التي تعطى للصادر لتنميتها للصادر مشيرا إلى أن 70% حاجة البلاد من الدواء تمت تغطيته في العام 2015م.
عجز تغطية
أمين السياسات باتحاد أصحاب الغرف الصناعية سمير أحمد قاسم أشار في حديثه لـ(الصيحة) إلى أن نسبة التعثر كانت تفوق 30% في الماضي ولكن بفضل سياسة بنك السودان التي وصفها بالرشيدة انخفضت النسبة إلى 5,1% وهذه النسبة مسموح بها وفقا لاتفاقية جنيف2 والبالغة6%،وأضاف أن العجز المعلن مقبول إلا أنه عاد واعتبر النسبة مازالت مرتفعة، معلنا تأييدهم لسياسة بنك السودان في ترشيد وتخفيض نسبة التعثر في المصارف لجهة تأثيرها على تمويل التنمية،داعيا إلى العمل على انخفاضها في الأعوام القادمة،جازما بعجز المصارف عن التمويل الاجنبي لتغطية احتياجات الاستيراد المختلفة،مبينا ان شراء العملات الاجنبية من السوق الموازي لاستيراد،ونوه إلى سماح بنك السودان باستيراد بدون قيمة لعدم توفر العملات الأجنبية بالمصارف،وأوضح أن امكانيات المصارف المحلية لا تتناسب مع احتياجات التنمية المضطردة،وذكر أن انخفاض قيمة الجنيه السوداني المستمرة تؤثر على التمويل لارتفاع قيمة الدولار أمام العملة الوطنية،وقال إن القطاع الخاص طالب بتوفير تمويل متوسط المدى وطويل المدى إلا أن المصارف اعتذرت عن التمويل لجهة ضعف الإمكانيات المتاحة للقطاع المصرفي،ونادى بأهمية التوسع في المصارف إضافة إلى إنشاء مصارف برأس مال كبير ومتخصصة في تمويل التنمية
أعباء باهظة على الدولة
وتؤكد الإحصاءات أن القطاع المصرفي السوداني كان الأكثر تضرراً من الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد في السنوات الأخيرة إذ قدرت خسارته خلال 16 سنة، (1997-2014) نحو تسعة بلايين دولار ما أدى إلى زيادة الكلفة،وترتيب أعباء باهظة على الدولة، وكذلك على مؤسسات القطاع الخاص التي تعرض بعضها للإفلاس والبعض الآخر للدمج، وخسرت المصارف جزءاً كبيراً من رأس مالها وأرباحها وزبائنها داخل السودان وخارجه،وأدى ذلك إلى انخفاض احتياط البنك المركزي من العملات الأجنبية،وانتعاش السوق السوداء،وتدهور سعر صرف الجنيه السوداني وتعاني المصارف من مشكلة في هيكلة البنوك والتعظيم الإداري، وفي المقابل تعاني المصارف من خطر السوق، ثم مخاطر سعر الفائدة، ومخاطر أسعار الصرف، مخاطر نقص السيولة، والمخاطر القانونية، إلى جانب المخاطر المتعلقة بسمعة المؤسسة، والمخاطر التشغيلية.
أقل المخاطر
ويري الخبير الاقتصادي دكتور هيثم محمد فتحي أن نسبة العجز تضمن استمرار البنوك في تمويل عجز الموازنة لجهة أن تمويل الموازنة من موارد محلية يمنع أي تأثيرات خارجية على سيادة الدولة كما أنه أقل مخاطر على التصنيف الائتماني للدولة بعكس تمويلها من خلال الاقتراض الخارجي،وتوقع في حديثه لـ(الصيحة) وقوع أحداث ستؤثر حتما على أعمال الجهاز المصرفي أجملها في الصعوبة في التحاويل الخارجية الواردة والصادرة وأيضاً تعهد بعض الدول العربية الشقيقة بضخ إستثماراتها في السودان ولدخول تلك الاستثمارات للبلاد والتى تحتاج تحرك حكومي كبير لإجراء تعديلات على قوانين الاستثمار تحفز تلك الإستثمارات على الدخول للبلاد وقبل كل ذلك تحتاج جهود كبيرة للقضاء على الفساد الإداري والبيروقراطية الطاردة لأى استثمارات سواء كانت محلية أو أجنبية،مبينا أن الحكومة لجأت للاستدانة منذ فترة بعد انخفاض وتراجع عائدات النفط وذلك من خلال السماح للبنوك بشراء شهادات شهامة والصكوك الحكومية وحاليا أصبحت البنوك هي التي تمتلك الحق الأكبر من هذه الشهادات مقابل أن تتحمل وزارة المالية نفقات التمويل من الجهاز المصرفي والمتمثلة في الأرباح التي يتم دفعها لهذه البنوك مما أدى إلى عدم التزام البنوك بتمويل المشروعات التنموية الاخرى،لافتا إلى أن اغلب نشاط البنوك اقتصر على تمويل الحكومة مقابل العائدات التي تتحصل عليها من شهادات شهامة والصكوك،وأكد أن اتجاه الحكومة لمزيد من توسيع صور الاستدانة سيؤدي إلى إيقاف نشاط البنوك في التمويل تماماً وسوف تتأثر القطاعات الصناعية والزراعية والتنمية الاقتصادية وستتحول البنوك إلى عميل يستثمر أمواله داخل الحكومة.
تقرير : مروة كمال
صحيفة الصيحة