في أخريات رمضان الماضي، أطلق الفريق “محمد عطا المولى) المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات، تصريحات من منزله حينما استضاف الاتحاد الوطني للشباب السوداني في إفطار رمضاني، قال “عطا المولى” إن بشريات باختراق كبير سيحدث في العلاقة مع الغرب في الشهور القادمة.. لم ينتبه أحد لما قاله رجل المخابرات الأول في البلاد ومضى حديثه مثل أحاديث مسؤولين كثر لا يلتفت إليها أحد.. بيد أن الفريق “عطا” الذي بين يديه معلومات كثيفة عن مواقف الدول ولمؤسسته دور جوهري في العلاقات الدولية من خلال التواصل مع الأجهزة النظيرة.. وخاصة الدول الغربية التي تؤسس علاقاتها على ما يجري بين الأجهزة الأمنية أولاً.. ولم يمضِ وقت طويل حتى جاءت بشريات من الشرق بإعلان دولة اليابان قبولها تولي التفاوض إنابة عن السودان كما ينص النظام الأساسي لمنظمة التجارة العالمية التي يسعى السودان حثيثاً لنيل عضويتها.. وقد جرت مفاوضات منذ فترة في جنيف بين السودان واليابان لتتولى التفاوض باسم السودان كما ينص على ذلك النظام الأساسي لمنظمة التجارة العالمية.. حيث تتولى دولة عضو في المنظمة التفاوض إنابة عن الدولة التي تقدمت بطلب للانضمام.. ومنذ أربع سنوات كانت المملكة المغربية هي المفاوض إنابة عنا.. ولكنها فشلت في إقناع الدول الغربية بقبول عضوية السودان.. ومع قدوم د.”مصطفى عثمان إسماعيل” لرئاسة بعثة السودان في جنيف وهو شخصية لها ثقلها وتجربتها كوزير سابق تم تعيينه في موقع مهم جداً وفي عاصمة العالم الجديد مدينة جنيف السويسرية التي تحتضن أهم المؤسسات والمنظمات العالمية.. جرت مفاوضات بين السودان واليابان لتولي الملف.. لم تعلن اليابان موافقتها على التفاوض إنابة عن السودان وطلبت من الوفد السوداني الانتظار لدراسة الطلب والرد.. ومضت شهور واليابان تخوض حواراً صامتاً مع الشركاء الغربيين والولايات المتحدة.. وفي الأسبوع الماضي حصلت على الضوء الأخضر من تلك الدول بإمكانية قبول عضوية السودان في منظمة التجارة العالمية.. ودولة عريقة مثل اليابان لا تقبل على أية خطوة دون ضمان نجاح تلك الخطوة.. ومساء (الأحد) الماضي أبلغت طوكيو البعثة السودانية في جنيف موافقتها على تولي التفاوض إنابة عن الخرطوم في الوقت الذي عاد فيه د.”مصطفى” للسودان من أجل مهمتين صعبتين.. الأولى هي الخطة التي يعتزم تقديمها للحكومة للخروج نهائياً من التدابير الخاصة بحقوق الإنسان بعد أن أقعدت التدابير الخاصة البلاد طوال عشرين عاماً وحرمتها من فرص الاستثمار والحصول على القروض وشوهت سمعتها.. وخطة الخروج من التدابير الخاصة لها مطلوبات داخلية وأخرى خارجية.. ولكن تلك قصة أخرى نعود إليها في مقبل الأيام لأن حديثنا اليوم عن منظمة التجارة العالمية حيث ينتظر السودان اتخاذ بعض الإجراءات الداخلية على صعيد حرية التجارة وحماية بعض السلع ورفع الدعم الحكومي عن الخدمات والسلع.. ولكن على صعيد الحماية لمنظمة التجارة العالمية شروطاً (مرنة) جداً.. حيث تمنح الدولة تحديد سقف زماني لحماية السلعة التي تريدها.. وأيضاً لمنظمة التجارة العالمية شروط سياسية مثل تحقيق السلام والكف عن انتهاكات حقوق الإنسان.. وهنا قد يتساءل البعض ما جدوى الانضمام لمنظمة التجارة العالمية؟.. الإجابة المبسطة لو كان السودان عضواً في هذه المنظمة لما استطاعت الولايات المتحدة فرض عقوبات عليه أدت لتعطيل حركة الاستثمار وفرضت قيوداً صارمة جداً على التحويلات المالية.. ولتدفق الاستثمار العربي والعالمي على بلادنا.. وظلت لجنة عليا برئاسة نائب الرئيس “حسبو محمد عبد الرحمن” تعقد اجتماعاتها الدورية من أجل تذليل العوائق التي تحول دون الوفاء بشروط الانضمام لمنظمة التجارة العالمية التي تعقد اليوم اجتماعاً مهماً في نيروبي لمجموعة الأونكتاد.. ربما شهد أولى خطوات انضمام السودان.. وتلك ثمرة أولى لوجود سفير مثل “مصطفى عثمان” في المكان الصحيح جنيف.. حيث كل القضايا المرتبطة بالعلاقات الخارجية (تطبخ) هناك!!