انقلاب تركيا.. سقطة جديدة للإعلام المصري

حظيت عناوين عدد من الصحف المصرية وتغريدات إعلاميين مصريين تضمنت احتفاء بالمحاولة الانقلابية الفاشلة في تركيا وشماتة استباقية بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان بسخرية واسعة في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي.

ومع بداية توارد أخبار بدء المحاولة الانقلابية في إثر سيطرة المجموعات العسكرية على مطار أتاتورك في إسطنبول ومبنى الإذاعة والتلفزيون (قبل تحريرهما) أظهر إعلاميون مصريون في قنوات مختلفة حالة من البهجة والاحتفاء مصحوبة بثقة كبيرة في نجاح هذه التحركات والقضاء على أردوغان وحزب العدالة والتنمية.

وكان من آثار هذا التسرع ظهور صحف محلية صباح اليوم السبت بعناوين حملت تبشيرا بسيطرة الجيش التركي على الحكم في تركيا وإطاحته بأردوغان، في الوقت الذي أصبحت فيه صورة فشل هذه المحاولة أكثر وضوحا واستقرارا، وهو ما استدعى حالة واسعة من السخرية والاستهجان لدى نشطاء ومتابعين.

الحرج الذي وقع فيه الإعلام المصري نتيجة سرعة فشل المحاولة الانقلابية دفع أسامة كمال -أحد أبرز رموزه في فضائية “القاهرة والناس”- إلى اعتبار الحدث “تمثيلية أراد بها أردوغان كسب تعاطف من أجل تحقيق السيطرة المطلقة على شعبه، ورفع شعبيته التي انهارت في الفترة الأخيرة من جديد”.

ليس غريبا
ممدوح الولي رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام السابق ونقيب الصحفيين الأسبق لم يستغرب تناول الإعلام الموالي للسلطات الحالية هذه المحاولة الفاشلة، مضيفا في هذا السياق “المهمة التي تقوم بها تلك الوسائل ليست إعلامية أو مهنية، وإنما أداء وظيفي لإرضاء السلطات الرسمية وتبرير مواقفها والنيل ممن يخالفونها بأي شكل”.

وتابع في حديثه للجزيرة نت “الإعلام المصري تسيره الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة منذ انقلاب الثالث من يوليو/تموز 2013 بشهادة معدي برامج الفضائيات الذين ذكروا أن التعليمات تأتي لهم بشكل دوري حول القضايا التي يجب أن يتناولوها في برامجهم”.

ورأى الولي أنه “مع تكرار تلك الممارسات أصبح الاختلاق والبعد عن الحقائق سلوكا طبيعيا لدى هؤلاء الإعلاميين الذين نسوا أنهم أصبحوا فاقدين لثقة الجمهور”، معتبرا أن “ما يهمهم الآن هو ثقة السلطات التي تكفل لهم الاستمرار بمزايا مادية وعينية”.

من جانبه، يرى رئيس المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام مصطفى خضري أن “انفراد الإعلام المصري باعتبار أمنياته بنجاح الانقلاب في تركيا حقيقة واقعة لا محالة يمثل سقطة مهنية عزز من بروزها تصدر تلك الأماني في الصفحات الأولى لصحف اليوم”.

وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن “هذه السقطة المهنية تعود إلى رغبة النظام في سقوط أردوغان ومحاولته تجميل الوجه وتبرير الانقلاب العسكري على الشرعية في مصر، إضافة إلى حالة الكراهية الدفينة للعلمانيين والناصريين المسيطرين على الصحافة المصرية لكل ما هو إسلامي في العالم”.

إعلام تابع
بدوره، يرى الكاتب الصحفي أحمد القاعود أن “الإعلام المصري لم يختلف عن الإعلام السوري المؤيد لنظام بشار الأسد في تعاطيه مع محاولة الانقلاب الفاشلة، والذي لم تكن له علاقة بالإعلام إنما عبارة عن تأييد للانقلاب وبث لأكاذيب لا علاقة لها بواقع”.

وتابع في حديثه للجزيرة نت “ظهرت الشماتة في هذا التناول كون أردوغان اتخذ موقفا متشددا من انقلاب مصر وقياداته فعكس ذلك تمنيات واضحة بسقوطه، كما أن النظام المصري يبحث عن محاولة إفشال نجاح الآخرين لاستثمار ذلك شعبيا”.

ورغم إقراره بتسرع الإعلام المصري في التعاطي مع آثار المحاولة الانقلابية الفاشلة بتركيا فإن رئيس حزب الجيل الديمقراطي ناجي شهابي -المؤيد للسلطة الحالية- رأى أن ذلك “لم يكن بمنأى عن حال مختلف وسائل الإعلام الأخرى حتى العالمية منها والتي شاركت الإعلام المصري في جانب من تقديراته المتسرعة”.

واعتبر في حديثه للجزيرة نت أن هذا التعاطي كان “منطقيا لطبيعة العلاقة المتوترة بين مصر وتركيا والناتجة عن مواقف أردوغان العدائية تجاه مصر وشعبها”، مشددا على أن هذا التناول الإعلامي “لا علاقة له بالموقف الرسمي للدولة الذي يراعي التعامل بحذر مع الأحداث في تركيا حتى الآن”.

المصدر : الجزيرة

Exit mobile version