{كما توقعت هنا الأسبوع الماضي، دخلت قوات يوغندية مدججة بالمدرعات والأسلحة الثقيلة جنوب السودان أمس الأول (الخميس) مصحوبة بعشرات الشاحنات، بدعوى إجلاء رعايا يوغنديين في “جوبا”. ونقلت وكالات الأنباء أن القافلة العسكرية اليوغندية عبرت “نمولي” باتجاه “جوبا” محملة بمخيمات ومواد تموينية وأدوات طعام.
{وسئل ضابط من استخبارات الجيش اليوغندي: (هل يمكن للقوة اليوغندية أن تبقى فترة أطول من عدة أيام كافية لإجلاء رعايا دولتهم ؟) أجاب: (ولم لا ؟ لقد كنا هنا من قبل بطلب من حكومة الجنوب) !!
{في ذات السياق قال متحدث باسم الحكومة الإثيوبية إن بلاده مستعدة لإرسال قوات إلى جنوب السودان، بالتنسيق مع “كينيا” و”رواندا”!! التنسيق معنا في (سد النهضة) فقط !!
{أين السودان يا ترى .. من هذا التنسيق لاقتحام دولة كانت إلى وقت قريب جزءاً من دولتنا الكبيرة التي سلمنا لها الزعيمان الخالدان “الأزهري” و”المحجوب” مليون ميل مربع، لا تنقص متراً واحداً ؟!
{إلى متى يظل السودان واقفاً متفرجاً .. خائفاً .. وضعيفاً من الوجود والتأثير في جنوب السودان ودعم ومساندة حلفائه هناك، بينما يسرح اليوغنديون والكينيون والإثيوبيون .. بجيوشهم ومخابراتهم في أرضنا وعمقنا الأمني ويعبثون بثرواتنا ونحن ما زلنا شركاء في نفط الجنوب وليس يوغندا وإثيوبيا ؟!
{عندما تدخل قوات يوغندية “جوبا” بحجة إجلاء مدنيين في عاصمة الجنوب، يجلي السودان رعاياه بأدب وتهذيب ووجل عبر طائرات مدنية تجارية، ويستقبل العائدون في مطار الخرطوم السفير “حاج ماجد سوار” الأمين العام لجهاز تنظيم شؤون السودانيين بالخارج وعدد من سفراء خارجيتنا فائقة الرقة واللطافة .. !!
{خارجيتنا صارت تنافس في رقتها وعذوبتها وحيائها شاعر الرومانسية والجمال رئيس جمهورية الحب الصديق العزيز “إسحق الحلنقي” !!
{هل أصبحنا إلى هذا الحد دولة راجفة ومرتجفة و(ماشة جنب الحيطة)، تتمثل الحكمة والعقلانية والوقار الذي لا تتمثله في مواقع أخرى داخلية وخارجية ؟!
{لماذا لم نكن حكماء وعقلاء ومؤدبين و(ماشين جنب الحيط) عندما أرسلنا قواتنا إلى جبال وتخوم “اليمن” الوعرة وسط قبائل تستاك بالرصاص، مالنا و”اليمن” الذي كان سعيداً ؟!
{ماذا كسبنا من تلك المغامرة مجهولة العواقب .. كم (نيشان) وكم إشادة وتحية بلغتنا من الأمم المتحدة أو الجامعة العربية .. وكم (مليار) دولار وصلنا .. والدولار عندنا زاد وزاد ووصل (14) جنيهاً والريال اقترب من الـ(4) جنيهات!!
{“يوغندا” و”إثيوبيا” و”كينيا” دول تمارس الواقعية السياسية، ولديها استراتيجيات قومية، وتعرف حجم مصالحها في جنوب السودان .. وتعرف التهديدات الكبيرة التي يمكن أن يشكلها جنوب السودان (غير المستقر) على أمنها الوطني، ولذا فهي مستعدة لإرسال قوات إلى “جوبا” منفردة أو متحدة، مهما كانت الخسائر .
{نحن – وحدنا – من لا نعرف مصالحنا .. !!
{(سبت) أخضر .