عبد الله الشيخ : طلْسم الأكشاك والطّبالي..!

مُعتمد الخرطوم، أبْ شنب ــ الأقرب إلى التكنوقراط ــ يصْرَعُ ثعباناً ساماً من كوادِر التنظيم.. التكنوقراط، لا ينشطون دون (موجِّهات)، فهل هي خُطة رئاسية تستهدف فك ارتباط الحزب بالدولة..؟
هل أصبح قدر (البَدْريين)، تلقي اللكمات، واحتمال الصفعات، أم أن شهادة الترابي ضدّهم قد صادفت الكشف عن طلسم الأكشاك والطّبالي، لصاحِبها الإسلامي، الذي لا يُرد بأسه..؟
الظاهر أن هناك (كشّة) فُجائية للتخلص من بعض الحركيين، لا أكثر.. وإلا لماذا يزانِقون اليسَعَ المسكين، الذي يستخدِم الملعقة ــ فقط ألف طبلية وكُشك ــ بينما غيره يغرِفون بالكوريق!.. هذا الاحتكاك بين أبْ شَنب واليَسَع، لا يرقى لأن تكون مُخططاً مُتكامِلاً لفك ارتباط التنظيم بالدولة، ولا هو حركة مُباركة مثل حركة السيسي في مصر، ولا هي استتباع لما يُسمى بـ (برنامج إصلاح الدولة)، فذاك البرنامج وإن بدا أنه يستنفِع الآن بشهادة الشيخ، إلا أن مثل تلك الشهادات التلفزيونية، لا يُعوَّل عليها، كـ (ملاذ آمن) يخلِّص القيادة من عقابيل الماضي.
إذن، قد كان الأمر بشكل أساسي، مجرد صُدفة، أو موافقة غير مقصودة، تزامنت مع حدث كيدي، وقعَ بين المعتمد وبِطانته، وقائِد الطلاب و(عُصبته)، وإلا فلا مبرر لأن يتبرع أبْ شنب بكل هذه التفاصيل، لتبرير جُرأته على التّنظيم..!
ما مِن شك، في أن المعتمد أبْ شنب، قد استشعر إسناداً من جهة ما داخل النِّظام، فأظهر شكيمة غير مألوفة في مواجهة ذوي السر الباتِع من أبناء الحركة المُدلّلين.. أو ربما استشعر أبْ شنب ضعف موقف اليَسَع، بعد أن نزعت القيادة الإنقاذية القابِضة (إبر الدّبّابَات) التنظيمية، فحاق بهم جميعاً ما كانوا يكسِبون.. أو ربما يكون اليسع نفسه، كبش فداء إنقاذي، يلحق بمن سبقوه من كوادِر، ابتداءً من المحيلة، مروراً بالشِبل غسّان، إلى آخر القائمة..!
ما مِن شكٍ في أنّ هناك رغبة عسكرية مُلِحّة لمحاربة الفساد وتصفية جيوب التمكين.. ما مِن شك في أن القيادة الحالية للإنقاذ ترغب في التطبيع مع الشعب عن طريق التخلُّص من الثعابين السّامة التي أفسدت وشوهت التجربة.. لأنه حين ينهار الوضع، يعلم العسكر أنهم سيدفعون الثمن مرتين.
لكن هذه المعرِكة ــ إن صدقت النوايا ــ هي معركة أكبر من مقاس الوَاد اليَسَع، وإن تسمى سماحته باسم نبي..!
لماذا يُزانقونه، فهذا ليس هو الوقت الأمثل للمحاصصات، ولن تكون أكشاك وطبالي اليَسَع هي الفضيحة الأخيرة.. ليست هُناك قوّة في هذه الخرطوم، تستطيع انتزاع كُتلة (البَدْريين) من مفاصل الدولة، وليس هذا صِراعاً بين أطراف الجّماعة، ولا هو مُفاصلة جديدة..!
هذه حكاية بسيطة جداً ومحدودة.
الحكاية ببساطة أن اليَسَع هو أحد توابِع التلميذ، وأن ما يتعرّض له من (مُكايدة) هو سلوك معروف بين أفراد العِصابة.. الحكاية باختصار هي أن أبْ شنب كابن عامل بسيط في مشروع الجزيرة، لم يعجبه الخَمجْ، فدلق مياهاً نظيفة فوق الكادِر التنظيمي، فكانت مُفاجأة للأُخوان، الذين دهُش منهم من دهُش، و(انشرق) منهم حد الاختناق، المهندس عثمان ميرغني.
أيضاً يمكنك القول بأنّ (نقض الغزْل) الأوتوماتيكي قد بدأ، وأنّ حجارة الدومينو التي يتبارى الغاوون في رصها، قد بدأت في التّداعِي، وأن شهادة الشيخ ربما مهدت لاغتسال العسكر من كل التجربة.
ما مِن شك في أن التكنوقراط من أمثال أبْ شنب، تحركهم إشارات قوية من الدّاخِل، لفضح عصابات الفساد المكنكشة في السلطة باسم التنظيم الاسلامي.. فهل يتوجّب علينا في مثل هذا الحال تشجيع أبْ شنب، من أجل رفع غطاء الحماية عن فساد وليدات التنظيم، وهل من المعقول أن يرقى مثل ذلك التشجيع، إلى درجة تأييد القيادة الإنقاذية القابِضة الآن..؟
هذا هو الزّيت الذي تتّقِد منه فوانيس التفاوُض..!
هذا هو ما يجعل المهدي (يَحوم ويحلِّق) ما بين القاهِرة وجوهانسبرج وأديس، بينما البقية الباقية من قيادات المُعارضة (تُبدي وتُرائي).. أيتركونه هوناً، أم يُشاركونه الاندغام.

Exit mobile version