جنوب السودان والامريكان

قاتل الجنوبيون الشمال سنين عددا ، وماتوا بكثرة عديدا وعددا تسموا بمئات المسميات الثورية ، والقبلية ، تشرذموا واتحدوا ، الا ان اتحادهم لم يكون ولن يكون الا لمقاتلة الشمال .. الدينكا يغترون بعددهم ، والنوير لا يعترفون بأكثرية الدينكا ,, الشلك ضائعين في الرجلين مع بعض القبائل الصغرى
بين افراد ومكونات كل الحركات المتكونة في الجنوب من ولد وصوت البندقية كان يطغى على صرخته عنده ولادته وتربى ونشأ وصوت البندقة عنده هو صوت الموسيقى وصوت الانغام الحلوة لا يعرف صوتا غيرها فهو ولد والبندقية ترغي وتزبد حوله ..
ابان الحرب مع الشمال ما ان تكون هناك فترة هدنة او توقف قتال مع الشمال الا واشتعلت بينهم بعض المناوشات التي تصل لحد الاقتتال .. ولكن كان هناك من يسعى سريعا ويحتوي الموقف .. فالحرب اصبحت هواء ينفسه اهل الجنوب واصبحت الغذاء الروحي الذي ينعشهم ويشعرهم بالحياة .
لم تكن الحرب في الجنوب بدعوى الانفصال التام وانما لمزيد من صلاحيات الحكم الاقليمي ولكن عزفت الدول الكبرى على وتر الاستقلال واغراء بعض رموز الحرب بان يتم الانفصال حتى يعيشوا في جنة الله على الارض .. وبالطبع ما ذاك الا تضليلا وفتنة واشباع لغريزة تلك الدول لرؤية الدماء تسيل بسلاحهم الذي يبيعونه لهذه الدول ..
في عهد الرئيس الاسبق الراحل نميري كانت الحرب مستعرة وكل يوم ينشأ فصيل ليقاتل الحكومة ويكون هذا الفصيل لا يعلم أي شيء عن باقي الفصائل .. او انه انشق من فصيل اكبر فظهرت حركات انانية ون وانانية توو وحركات الدينكا الى ان استطاع المأفون قرنق من توحيد هذه الفصائل او الحركات وتسميتها بالحركة الشعبية . ولكن تطور المسمى والهدف بعد الانقاذ لتضاف عبارة لتحرير السودان بدل جنوب السودان . كان للاسم مدلول اننا نقاتل من اجل كل السودان ولسنا دعاة انفصال او انقسام الا انها كانت كلمات تخدير لكسب بعض الشماليين امثال عرمان وصحبه ..وتجنيدهم كمخالب قط لزعزعة السودان عامة ..
كانت امريكا متواجدة في السودان ابان نميري بصورة كبيرة ومعروفة وبالطبع الجنوب جزء من السودان ففتح لها الاستثمار في البترول ولكن ذهبت الابحاث والاستكشافات الى الجنوب والتي كانت هي مركز عين امريكا في السودان وبدأ التنقيب واعلن اكتشاف البترول ولكن تماطل الامريكان بل وصلوا الى مرحلة تجميد العمل من غير أي مبررات ..سافر الرئيس النميري بحجة العلاج واستطلاع الامر عن اسباب التوقف فكان الانقلاب عليه بالهيجان الشعبي وهو لا يصدق ..
عند حدوث ثورة الانقاذ اعتقد الامريكان انه بالإمكان التواجد في السودان مرة اخرى وبالطريقة التي تعجبهم الا ان اكتشافهم ان الانقلابين ما هم الا اسلاميون حتى تغير المفهوم وظلوا يراقبون من على البعد والتجسس داخل النظام والتنقيب عن البترول متوقف ودون اسباب وبعد ان تمكن انقلابي الانقاذ من تثبيت انفسهم توجهوا للبترول وقضية التنقيب وانذروا شيفرون اما ان تواصل وتفي بالعقود الموقعة معها او تنسحب من الميدان فغادرت شيفرون وبضغوط من الكونغرس واسرائيل ولكن بعد اغلاق الابار بصبات خرسانية استحال فتحها مرة اخرى حيث اصبح من المفترض لأي قادم ان يحفر من سطح الارض . وكان ذلك هو الذي حدث مؤخرا ..
امريكا توقعت ان يكون هناك استقرارا للجنوب وتكون هي الوصية على هذا البلد الجديد وان لم يكن الاستقرار فلتكن الفوضى التي تتيح لهم وضع القدم بالقوانين الدولية من مجلس الامن تحت الفصل السابع ، وان لم يكن من خلال مجلس الامن فليكن بالخديعة والكذب والادعاء بأمور تتعلق بالامن والسلامة للمواطنين وايقاف الحرب والاقتتال بين الاخوة الاعداء ,,
كنت قد نبهت من قبل ان ما يجري في الجنوب ليس حربا بين الاخوة الجنوبيين ، ولكن هي حرب مفتعلة ومقصود منها ضياع الجنوب وجعله عراقا اخر او ليبيا اخرى .وها هو اول الغيث الامريكي قوات مارينز تحضر لتجلي رعاياهم .. سؤال مشروع ماذا يفعل الرعايا الامريكان في دولة حتى الان لا تعرف أي استقرار لا دستور لا هيكل حكومي متفق عليه لم تواجدوا بها دون أي دلائل لفائدة منهم ..
ان المقصود بخلخلة دولة الجنوب هو التواجد الامريكي في قلب القارة الافريقية ومحاصرة المد الاسلامي العربي والحد من نفوذ السودان المستقبلية بجدار اثني يمكن ان يؤلب ويجمع سريعا ضد أي توجهات ايدولوجية وخاصة الاسلامية العربية ..
هل يا ترى سيغادر المارينز بعد اجلاء الرعايا ام سينتظرون القرار الاممي الذي ينص على وضع الجنوب تحت الوصاية الاممية بقيادة امريكا كما حدث في العراق ..
لاحظوا معي ان امريكا لا تكون جادة في التدخل في أي دولة مالم تكون هناك فوائد اقتصادية مستقبلية لها او عسكرية او موقع استراتيجي يمكن ان يستغل ان قامت أي حرب عالمية ,, وكذلك اذا وجدت ان الدولة التي تدخلها يمكن ان تكون ذراع لها ضد الشرق روسيا والصين ..
الان الجنوبي المواطن البسيط لسان حاله يقول ليتني اعود للشمال وليتني هناك والحرب بيننا قائمة فقد كنت اكثر امانا وصحة وتعليما ..
المثنى احمد سعيد

Exit mobile version