(3054) مصنعاً توقف عن الإنتاج، هذا الرقم موزع على عدد من ولايات السودان، وبحسب (الصيحة)، توقف المصانع وهروب رؤوس الأموال لم يتوقف منذ الفترة التي أعقبت انفصال جنوب السودان وتلاها انهيار العملة المحلية، قبيل نهاية 2014م، أعلن اتحاد الغرف الصناعية توقف معظم المصانع العاملة بالبلاد، وكشف مسحٌ أجرته ولاية الخرطوم تعاوناً مع اتحاد الغرف أن 80 بالمائة من المصانع بالخرطوم توقفت، وأن هناك عدداً من المصانع في طريقها إلى التوقف عن العمل، الاتحاد أشار إلى أن النقص في الحاجة المحلية للزيوت بلغ 50 ألف طن في بلد يمتلك طاقة إنتاجية في الزيوت تبلغ 3,200 ملايين طن بحسب الاتحاد في ذلك الوقت. وفقاً للاتحاد فإن جزءاً من المشكلة صعوبة توفير النقد الأجنبي، بجانب مشكلات تواجه فتح خطابات الاعتماد، وهذا يتصل مباشرة بعدم وجود مراسلين بالبنوك الخارجية، يُضاف إلى ذلك عدم وجود قانون للصناعة، هذه هي مشكلات الصناعة كما قدرها اتحاد الغرف في وقت سابق.
ولو فقط ركزنا على هذه الجوانب، فجميعها تطور منذ ذلك الوقت حتى الآن إلى الأسوأ، خاصة فيما يتصل بتوفير النقد الأجنبي، وهذه مشكلة تواجه كل القطاعات بما فيه القطاع الصحي الذي تأثر مباشرة وأصبح توفير الأدوية قضية شاغلة؛ بما فيها الأدوية المنقذة للحياة. الواضح أن الدولة غير آبهة بما يحدث في القطاع الصناعي، بل حتى المصانع التي كانت تعمل بكامل طاقتها طالها التدمير الشامل منذ التسعينيات لأسباب فرض الضرائب والرسوم غير المجنونة التي لم تترك أمام أصحاب المصانع إلا الهروب أو التوقف عن العمل، والذي يمر بشارع الصناعات بمدينة بحري ويلقي نظرة إلى تلك البنايات التي لا يزال بعضها محتفظاً بلافتاته، يدرك تماماً حجم الخراب الذي طال الصناعة وذبحها بسكين، وازداد الأمر سوءاً، بعد اكتشاف البترول والبحث عن الثراء السريع ، وحتى بعد انفصال جنوب السودان وذهاب البترول جنوباً، لم تستوعب الحكومة الدرس وتلتفت إلى القطاع الصناعي، ولا القطاع الزراعي، رغم أنه كان معلوماً أن البترول سوف يخرج يوماً ما، لكن الذي حدث، أن اتجهت أيضاً نحو الثراء السريع والمحدود، فاتجهت نحو الذهب والمعادن، وكل ذلك على حساب قطاعات أخرى يُمكن أن تسير جميعها في وقت واحد، والنتيجة لا نلبس مما نصنع ولا نأكل مما نزرع، بعد ما لحق بالقطاعين ما لحق.