قد لا تبدو محسوسة للوهلة الأولى كل تلك التقنيات المدهشة المستخدمة في الحرم المكي الشريف بمكة المكرمة؛ هذا بالنسبة للزائر والمعتمر والحاج، الذي بلا شك سيكون مأخوذا تعبديا ودينيا أكثر من التفاته لكل هذه النقلات الحداثية التي تحيط به وتيسر عليه أدء تعبده داخل الحرم وحول الكعبة المشرفة وفي الطواف في المسعى، وكافة المناسك التي يسعى لإكمالها خالصة لوجه الله تعالى.
بداية من مواقع شرب الماء (ماء زمزم)، والطريقة الحديثة السهلة التي تقدم بها، ومرورا بمواقع الحمامات الرجالية والنسائية، التي تأخذك نحوها بانسيايبة سلالم كهربائية إلى تحت الأرض، مرورا بآلية الانتقال الميسرة إلى أعلى سواء عبر السلالم الكهربائية أو المصاعد، مع توافر التكييف المركزي معتدل البرودة طيلة الوقت داخل باحات الحرم أو عن طريق المراوح رشاشة الماء في ساحاته المتسعة؛ وليس انتهاء بتلك السيارات الصغيرة التي تعمل بسرعة مدهشة لنظافة كافة مساحات السير والحركة مع غسلها وتجفيفها بالماء.
الجهد المبذول لإراحة زوار الحرم المكي والمعتمرين والحجاج، كبير بلا شك سواء في مشاريع التوسعة المستمرة منذ سنوات ولم تنته بعد أو في الطريقة المثالية لإدارة كل هذه الحشود التي تكاد لا تنقطع يوما عن زيارة أقدس أماكن المسلمين في الأرض؛ مكة المكرمة. بيد أن التقنية الحديثة تشكل الفارق الأساسي في كل هذا الجهد، فهي الوسيلة الأولى التي سهلت كثيرا من الجهد لراحة الزوار والمعتمرين والحجاج، إلى جانب أنها تلعب دورا عظيما في توفير الأمن بداية من أبسط صوره (ضبط النشالين والمحتالين)، أو عند أكثرها تعقيدا وخطورة (المخربين والمعتوهين)؛ فكاميرات المراقبة الحديثة تغطي كل جنبات وباحات الحرم ولا تترك شاردة أو واردة دون رصد ومراقبة.
حضور التقنية في الحرم المكي له شكل آخر، يتعلق هذه المرة بالزوار والمعتمرين أنفسهم، حيث لا يكاد أحدهم يحضر دون (كاميرا – موبايل)، ومشهد التقاط الصور الجماعية والسيلفي ومقاطع الفيديو، أمام الكعبة المشرفة أو في بقية مواقع الحرم، أصبح شيئا مألوفا ولا يثير استغراب أي شخص، وربما يصبح من الصعب تصور مشهد المعتمرين والزوار في المستقبل وهم منفصلين عن تقنية التصوير الحديثة، والأمر بالطبع إلى جانب كونه يمثل ذكرى شخصية جميلة، يمكن قراءته في باب التحفيز والدعوة لآخرين ستعجبهم بلا شك هذه الصور ومقاطع الفيديو وتهيج أشواقهم لزيارة أطهر بقاع المسلمين.