في واحدة من الهجرات العكسية القسرية، بدأ مئات المواطنين من جنوب السودان النزوح نحو السودان، بعد اندلاع معارك عسكرية مؤخرا في دولتهم الوليدة، وفشل كافة الجهود الدولية والإقليمية في السيطرة عليها.
ووجدت آلاف الأسر بجنوب السودان أن الفرار نحو السودان أهون عليها من البقاء وانتظار مصير يبدو مجهولا تماما، كما يقول من وصلوا بالفعل.
بخيتة نوك واحدة من مئات اللاجئين من جنوب السودان الذين وصلوا الخرطوم بعد معاناة قاسية، بفعل الحرب التي اجتاحت بلادهم دون أي سبب، كما تقول.
ولم تكن بخيتة وحدها من الأسر الجنوبية التي تمكنت من الوصول للعاصمة السودانية الخرطوم، بل وصل معها عشرات الأطفال الذين عاشوا بداية حياتهم في المكان ذاته الذي عادت إليه مجبرة.
بينما انتهى المقام بأسرة لينا يعقوب في منزل آخر مجاور وسط العاصمة الخرطوم، فوجدت أنها ليست غريبة عليه، كما تقول.
لينا جنوب سودانية لجأت مع أطفالها إلى الشمال (الجزيرة)
بحث عن مأوى
ومع الحيرة التي تبدو على وجوه بخيتة ولينا ومن معهن من أطفال -لأن أغلب الرجال تخلفوا في جنوب السودان لترتيب ما عليهم من التزامات- يبحث أطفال آخرون عن مأوى لهم قبل البحث عن أي شيء آخر، كما يقول بول.
ويعلن الجميع عدم الرغبة في العودة مرة أخرى للجنوب بسبب ما كشفوا عنه من معاناة متمثلة في خطف الأطفال وتجنيدهم قسرا للدخول في حرب غير معروفة الأسباب، بحسب بخيتة.
وفي الخرطوم طالب نواب برلمانيون بضبط الحدود مع دولة جنوب السودان وإحكامها لتفادي سلبيات اللاجئين المتكررة، لأن الحرب المستمرة في دولة الجنوب أفقدت رعايا الدولة الوليدة كل أنواع الرعاية الصحية.
وحسب صديق يوسف عضو البرلمان عن دائرة جودة والجبلين السودانية التي تحاذي مقاطعة أعالي النيل الجنوبية، فإن هناك تخوفا من انتقال الأمراض والمشكلات الاجتماعية التي يعاني منها لاجئون جنوبيون، وهذا أحد أسباب مطالبتهم بضبط الحدود وإبقاء اللاجئين في معسكراتهم المخصصة لهم.
كما طالب رئيس لجنة الأمن والدفاع الفريق أحمد إمام التهامي بإحكام التنسيق بين القوات المسلحة والأجهزة الشرطية والقوات النظامية الأخرى والجهات المسؤولة عن اللاجئين والشؤون الإنسانية من أجل ضبط الحدود مع الجنوب.
ضبط اللجوء
ويرى التهامي في تعليقه للجزيرة نت أن عدم ضبط اللجوء إلى السودان سيفتح الباب إلى كثير من المشكلات التي يمكن أن تصبح من المهددات الأمنية للبلاد.
ومع الرغبة في البحث عن ملاذ آمن بالسودان الذي غادرته قبل أربع سنوات، قالت لينا “جئنا إليه لاجئين أجانب ولم يطردنا أو يرفض استقبالنا”.
وفي المقابل، تجتهد الهيئة القومية المشتركة لدعم السلام في تقديم ما هو ممكن من معدات إيواء وإطعام، حالها حال بعض المنظمات الطوعية السودانية.
وكما يقول إستيفن لوال عضو هيئة دعم السلام إن الملاذ الوحيد الآمن بالنسبة للمواطن الجنوبي هو “وطنه الكبير السودان”.
ويكشف في تعليق للجزيرة نت عن أن عدد اللاجئين والفارين من الحرب في دولة الجنوب قد بلغ أكثر من سبعمئة ألف شخص، بينهم أطفال بلا عائل ونساء أرامل.
ويضيف أن مخيمات الأمم المتحدة لا تضم سوى آلاف قليلة لمعرفة الجنوبيين بطرق ومداخل السودان وكيفية الانتشار فيه، إلى جانب التعامل الإنساني الذي يجدونه من السودانيين في ولاياته المختلفة.
عماد عبد الهادي-الخرطوم
المصدر : الجزيرة
*الصورة أعلاه
لاجئون جنوبيون في السودان (الجزيرة)