عقب الأنباء المتداولة عن رغبة الجنوبيين في الوحدة مجدداً وصلتني رسالة من القارئ شهاب بهاء الدين جاء فيها الرائعة دوماً، الأستاذة سهير، بعد تحية إجلال و احترام أنت أهله، تناقلت الأسافير خبراً مفاده ميل بعض أبناء الجنوب إلى وحدة سودانية من جديد، في حقيقة الأمر، لم أتبين صحة الخبر لكنه أثار بالنفس لواعج و كوامن وشجون فكتبت: لم تكن الحدود الجغرافية (الوهمية) يوماً حدوداً تفصل بين نصف الشعب و نصفه الآخر، فانفصال ألمانيا من قبل لم يجعل منها شعبين مختلفين، وكذلك الأكراد المنتشرين على حدود عدة دول، والزغاوة كذلك شعب في عدة دول، وغيرهم وغيرهم. نعم الجنوبيون من اختاروا الانفصال-طوعاً- طمعاً في وضع ظنوه سيكون أفضل بعد أن سئموا حياة الدونية التي كانوا يجدونها وهم نازحين في الشمال، وحياة الموت والحرب إذا رجعوا جنوبهم. نعم اختاروا الإنفصال لظنهم أن حلمهم بالسلام سيتحقق. نعم اختاروا الإنفصال كرهوا الشماليين، لظنهم أنهم يكرهونهم، فهم لم يجدوا من الشماليين ما يثبت خلاف ذلك. نعم كرهوا الشمال وهم أسياد البلد وسلاطينها وأصحاب حضارة و لا يملكها كل من في جزيرة العرب. نعم اختاروا .الإنفصال لأن الشماليين يدعونهم – في أحسن الأحوال- بإخواننا الجنوبيين، و يدعون بيض البشرة من أبناء جزيرة العرب بالأشقاء.
نعم كرهونا والمنابر تفتح للطيب مصطفى مطلقاً لسانه محتفلاً و مولماً وداعياً أن (الحمد لله) حين انفصل الجنوب. نعم كرهونا لأن جميع الحكومات السودانية على تعاقبها لم توليهم اهتماماً ولم تهتم أحدها قط بالسلام أو تقرير المصير إلا بعد خروج البترول، فالجنوب بالنسبة للحكومات يا سادة ليس سوى بحيرة بترول و كائنات بدائية تعرقل الإنتاج. كرهونا و ما دروا أن الشعب شماله و غربه وشرقه ووسطه وجنوبه .
شعب- سوداني- واحد يتنفس دعاش خريف الأرض بنفس الطريقة، ويقطب حاجبيه للشمس بنفس الطريقة، ويهش للضيف و يجود له بنفس الطريقة، شجاع كله هذا الشعب بنفس الطريقة، الشعب الوحيد بين شعوب العالم الذي يمكن أن يقيم حرباً )بتعاين- لي- مالك- يا- زول(، شعب لا يرضي الحقارة رغم طيبته كرهونا وما دروا أن هذا الشعب كله كره تجار_الدين بنفس الطريقة. كرهونا و ما دروا بأن الشعب_ليس_هو_الحكومة ولم نجد فرصة لنثبت لهم عكس ذلك. لأجل ذلك كله و غيره كثير كرهونا وثاروا ثورة مطلبية بالمساواة فاغتيل قائدهم وحامل لوائهم، فكان الإثنين_الأسود غضبة على جور الزمان واغتيال الأحلام. أما ما كان و يكون من حكومة الجنوب من دعم للتمرد في الشمال وأحداث هجليج وغيره فهو لا يمثل الشعب، كما أن ما يصدر منا لا يمثلنا، فحكومتنا وحكومتهم وجهان لعملة واحدة، و نحن وهم شعب واحد. ختاماً، رغم أنف كل من يظن نفسه عربياً أكثر من كونه ينتمي لإنسان الجنوب والغرب والنوبة و أدروب و كل رطانة_السودان فنحن شعب وااااااااحد.
والجنوب عائد لا محالة. ليس لإصلاح حال الاقتصاد ببتروله، بل لأن الروح الواحدة لا تعيش في جسدين. جناح_الوحدة_بالجنوب الشعب_السوداني في شوق إليكم، فنصفنا ينادي نصفنا والشوق غلاب.