:: المراجع العام هو من يستحق الشُكر عندما يعرض تقارير التجاوزات للسلطات العليا، وكذلك الصحافة المهنية هي من تستحق الشكر عندما تكشف تلك التقارير وأخرى مخبوءة في دهاليز الأجهزة التنفيذية..ولكن أي مسؤول تنفيذي – مركزياً كان أو ولائياً أو محلياً – لايستحق الشكر ما لم يقض على الفساد والمفسدين بقوة القانون أو يخرج من بؤرتهم باستقالة شريفة..ولذلك قلت البارحة – ولا زلت – بأن موعد شُكر الفريق أبوشنب، معتمد الخرطوم، لم يحن بعد.. تريثوا، لحين موعد الشُكر ..!!
:: فالرجل – بإعتباره المسؤول المباشر على الحق العام بمحلية الخرطوم- مُطالب بإحالة ملفات المخالفات والتجاوزات بالمحلية إلى السلطات العدلية عاجلاً غير آجل، هذا أو عليه أن يخرج من هذه البؤرة الفاسدة بإستقالة شريفة .. وليس من العدل – ولا روح المسؤولية – أن يكتفي الفريق أبوشنب بإزالة بعض الأكشاك ثم الشكوى للصحف.. فالفترة الزمنية لحكومته تقترب إلى نصف دورة إنتخابية لأية حكومة ديمقراطية، وهي فترة تكفي للمساءلة والمحاسبة أو الإستقالة في حال العجز .. عفواً، ليس معتمد الخرطوم وحده، بل والي الخرطوم أيضاً مسؤول عما يحدث .. !!
:: وقبل عام ونصف، كتبت بالنص : بعلم سلطات الدولة، يتجاوز البعض مرحلة الفساد إلى (مرحلة الإفساد)..وأن يتجاوز المسؤول قوانين المال العام أمر مقدور عليه بالمحاكم والصحف والتحلل..ولكن، أن يتجاوز هذا المسؤول مرحلة فساده الشخصي إلى مرحلة إفساد المجتمع، فهذا داء لاتداويه المحاكم ولا الصحف ولا التحلل ..والشاهد أن محليات العاصمة تضج بنماذج إفساد المجتمع بالتحايل على القانون في غفلة الأخلاق والضمائر.. وبهذا التحايل تكتسب المخالفات شرعية بحيث لا تبدو للناس (فسادا)..!!
:: قد تجد أحدهم من القادرين على هدم الجبال، ومع ذلك عندما تسأله عن مهنته يُجيبك بلا حياء : ( أنا متعهد ستات الشاي)..فالمحلية تتعاقد مع هذا المتعهد على تحويل أوضاع بائعات الشاي إلى ما تشبه ( الجواري)، بحيث يستأجرن منه الكراسي والترابيز بالإكراه وبأسعار ملزمة ولا تقبل التفاوض.. ولو فكرت إحداهن على العمل بكراسييها وترابيزها بدلا إسئجار كراسي و ترابيز المتعهد، فالويل لها و لكراسييها وترابيزها، إذ تصادر سلطات المحلية الكراسي والترابيز ولا تعيدها لصاحبتها إلا بعد الغرامة والإلتزام بأن تستأجر من العاطل المسمى في العقودات بالمتعهد ..!!
:: وقد تجد آخراً بقوة جون سينا، ومع ذلك عندما تسأله عن مهنته يُجيبك بلا حياء : ( أنا متعهد درداقات)..فالمحلية تتعاقد مع هذا المتعهد على تحويل أطفال الدرداقات إلى ( أرقاء)، بحيث يستأجر منه الطفل الدرداقة بالإكراه و بالسعر الملزم غير القابل للتفاوض..ولو فكر الصبي العمل بدرداقته المشتراة بحر ماله، فالويل له ولدرداقته ولأكل عيشه، إذ تصادر السلطات المحلية الدرداقة ولا تعيدها لصاحبها إلا بعد الغرامة والإلتزام بأن يستأجر الدرداقة من العاطل المسمى في العقودات بالمتعهد ..!!
:: وبهذا النهج الفاسد إحتكر ذوي النفوذ شواطئ النيل وأسواق الخرطوم ومواقع الإعلانات بالشوارع والكباري.. فالعقود يجب أن تكون بين المحلية والمواطن، بلا أي وسيط نافذ مسمى بالمتعهد والوكيل.. وهذا ما يتحدث عنه أبوشنب منذ ( سنة ونص)، وكأنه مطالب بالحديث (فقط لاغير).. ومنذ سنوات، نكشف – في ذات الزاوية – بالأرقام والأسماء عن التجاوزات بأسواق الخرطوم، وعن التجاوزات بشواطئ شارع النيل، ولم يحرك مسؤولاً ساكناً بحيث (يقاضينا أو يقاضيهم)..وعليه، لو كان عمر حكومة الفريق أبوشنب شهراً أو نصف عام لشكرناه على (الكلام) ثم إنتظرنا (الفعل)..ولكن ليس من المنطق أن (يتكلم) عاماً تلو الآخر ولا (يفعل)، ثم ينتظر الشكر ..فالمطلوب – لإسترداد الحق العام – أكبر من الكلام و (إزالة أكشاك)..!!