ما زالت عجلة الحوار الوطني ومخرجاته تقف على ناصية الانتظار، لما ستسفر عنه مباحثات أديس أبابا ومفاوضاتها الماراثونية، أملا في انضمام الرافضين إلى طاولة الحوار والوصول به إلى نهاياته السعيدة التي تضع حدا للاحتراب والاقتتال ويتحقق الاستقرار والأمن بفضل علو مؤشرات التفاؤل في أعقاب التحرك الإيجابي للملف المعلق بيد الوساطة الأفريقية ولم تمل البحث عن سبل الوصول به إلى موضعه الأخير بسلاسة وأمان ترجو عبرهما أن ينعكسا إيجابا على استقرار الأوضاع في البلاد وإنهاء أزمتها المتطاولة، كل المؤشرات تشير إلى اقتراب حسم الملف وتنبئ بأن النهاية سعيدة رغما عن ضيق الوقت ومضي الأيام تجاه الجداول الزمنية المعلنة في ما يتعلق بعملية الحوار الوطني ويعول الغالبية من بين قطاعات الشارع في البلاد على الضغط الدولي لإحداث الانفراج السياسي الذي بدأت بشائره تلوح لتدعم طوق نجاة البلاد وتمسك جميع مكوناتها بالحوار الوطني بوصفه السفينة التي سترسو بالبلاد في بر الأمان، والراجح بحسب مراقبين أن اغسطس سيأتي ويجد كل الرافضين قد انضموا إلى خارطة الطريق أو أغلب المؤثرين منهم، وحينها ستمضي عجلة الحوار في طريقها بسلام.
ويسيطر الترقب والانتظار على الساحة السياسية في البلاد لما ستكشف عنه مجريات الأحداث في مستقبل الأيام، سيما مع توسع رقعة الاختلاف ومساحتها بين مكونات القوى السياسية ومواقفها الرافضة للحوار وخارطة الطريق، وتبذل الوساطة الأفريقية جهودا حثيثة وتعقد جلسات التفاوض الطويلة.
الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي وأبرز الرافضين لخارطة الطريق رجح بحسب ما ورد في الأخبار توقيع حلفائه في المعارضة ونداء السودان على خارطة الطريق في القريب العاجل، وكشف عن اجتماع سينعقد مع الوسيط الأفريقي ثابو أمبيكي في بحر الأيام القليلة المقبلة لبحث أزمة خارطة الطريق بين المعارضة والآلية الأفريقية رفيعة المستوى تمهيدا للدخول في حوار مع الحكومة.
وكان المبعوث الأمريكي دونالد بوث قد بحث مع المعارضة قبل عيد الفطر في اجتماع بأديس أزمة خارطة الطريق، ويبدو أن الاجتماع المتوقع يأتي استجابة للدعوات المتلاحقة من المجتمع الدولي مما يمكن تفسيره بأنه يأتي متماشيا مع الجهود الدولية لوضع حد للأزمة في البلاد خاصة مع حالة الانقسام التي تسيطر على الساحة السياسية في أعقاب توقيع الحكومة على خارطة الطريق التي وضعتها الوساطة الأفريقية ورفضتها الحركات المسلحة بالإحجام عن التوقيع عليها وفي سياق دفع كافة الاطراف لاغلاق ملف خارطة الطريق تمهيدا للانخراط في الحوار الوطني وإيجاد التسوية السياسية والسلام في البلاد.
ويبدو أن ترجيح الإمام الصادق المهدي لاقتراب التوقيع على الخارطة وانتهاء الأزمة بما فيها قضية الملحق لم يأت من فراغ وإنما وفق جدول محسوب وبمعلومات أكيدة لإمكانية الوصول إلى منطقة وسطى في ما يتعلق بالنقاط الخلافية التي ترفضها الحكومة السودانية والتي تمسكت بموقفها ورفضت كل محاولات الوسطاء المحليين والدوليين لقبول الملحق لخارطة الطريق أو إقامة المؤتمر التحضيري بالخارج، وكان رئيس حزب الأمة القومي الصادق المهدي قد حدد في لقاء سابق له مع ثامبو أمبيكي مطلوبات للتوقيع على خارطة الطريق تشمل عقد لقاء تحضيري شامل للحوار بمشاركة الحكومة وأن لا يكون الحوار مجرد امتداد لحوار الداخل، فضلا عن توفر ضمانات لتنفيذ مخرجات الحوار الذي يجب أن يجرى برئاسة متوافق عليها.
وكانت مجموعة من القوى السياسية والأحزاب المعارضة قد أكدت أن الحوار الوطني لن يفضي لحل قضايا البلاد ما لم يكن بمشاركة كافة الأطراف السودانية وتهيئة المناخ الملائم الأمر الذي بسببه خمدت جذوة النشاط التي اعترت الساحة السياسية والحوار الوطني المفترض أن يفضي إلى تحقيق الاستقرار السياسي وحلحلة كل الأزمات عبر الجلوس في طاولة واحدة للاتفاق على كيفية إنقاذ الوطن من أزماته ولكن سرعان ما انطفأت تلك الشعلة وخبا لمعان نجم الحوار بفعل الرفض وتعنت الأطراف مجتمعه على مواقفها. غير أن الأمر ربما يذهب في اتجاه ضخ دماء جديدة في الحوار الوطني في ما تبقى من زمن.
ومع ارتفاع سقف الأمنيات باقتراب الفرج، يعول الكثيرون على أن ينتهي الاجتماع المتوقع في الأيام المقبلة إلى حلول تنهي الخلاف وتضع العربة أمام الحصان ليمضي الحوار الوطني إلى نهايته السعيدة وفي جوفها كافة الفرقاء السودانيين. وقتها فقط يمكن للبلاد أن تفرح بالعيد السعيد.
الخرطوم – مهند عبادي
صحيفة اليوم التالي