لست أدري ما علاقة قضايا السودان الاقتصادية والسياسية بالحاوي، فقد سمعنا من السيد الصادق المهدي عندما كان رئيساً للوزراء يدافع عن حكومته حول المشكل الاقتصادي قائلاً بعبارته الشهيرة، (مافي حل لاقتصادنا إلا أن أصبح حاوي)!! ومثله تحدث علي عثمان محمد طه مؤخراً عن (جراب الحاوي)، قاصداً بذلك الحوار الجاري حالياً، واخيراً تحدث وزير المالية الحالي بدر الدين محمود في الاسبوع الماضي عن الاقتصاد الذي يديره وفشل فيه، قائلاً بأن ما فعله في ادارة الاقتصاد (حاوي ما يعمله)!؟ عجباً صار أمرنا كله حاوي في حاوي!! لا تخطيط ولا علم ولا فهم ولا حسن إدارة ولا سياسات ذات جدوى؟ وما يستغرب له المرئ أن السيد بدر الدين وزير المالية الحالي تحدى الذين ينتقدونه بالقول أن هؤلاء لا يستطيعون ادارة الاقتصاد ليوم الجمعة أو السبت وكان الأجدر أن يقدم استقالته للسيد الرئيس ويقول له لم استطع كبح جماح الدولار والانخفاض المستمر في الجنيه منذ توليه الوزارة ولم يستطع أن ينقذ الاقتصاد السوداني ويصر أن يدعي أنه نجح في ادارة الاقتصاد وانه ليس هناك أفضل من هذا! لا يا سيد الوزير هناك أفضل من هذا الوضع. والأغرب والأعجب أن يدعي السيد الوزير بأن من ينتقدونه لا يفعلون ذلك بموضوعية وأسس علمية!! ولست أدري إن كان الأخ بدر الدين يقرأ ما يكتبه الناس في الصحف أو يستمع الى الندوات وورش العمل وأخيراً ما أثير من نقاشات وانتقادات للوضعية الاقتصادية والاقتراحات التي قدمت في اللجنة الاقتصادية للحوار الوطني وما خلصت إليه من توصيات. فالشاهد أن كل ما قيل كانت موضوعية جداً وعلمية جدا لكيف نخرج باقتصادنا من النفق الذي دخل فيه وما اعتوره من ضعف وتدهور مستمر. ودعني يا سيد بدر الدين أقول لك أن أهم التوصيات العلمية والموضوعية التي وردت من توصيات أنه لا بد من وقف الحرب الأهلية وتحقيق الوفاق والتوحد الوطني لأن عدم ذلك يشكل العقبة الكؤود والأساسية أمام تحسن اقتصادنا من حيث أن الصرف الهائل على القطاع الأمني والعسكرى وعلى الصرف الحكومي والسياسي الهائل مركزياً وولائيا بسبب كثرة عدد الولايات والصرف البذخي على آلاف المناصب الدستورية مركزياً وولائياً اضافة للفساد المالي والصرف خارج الميزانية وبسبب الخلل الهيكلي في الاقتصاد السوداني وضعف الانتاج وتدهور الصادرات وكثرة الواردات والتى غالبها سلعاً كمالية وغير ذات أولوية وليست ذات أهمية تشكل عبئا” على الميزان التجارى كل ذلك أضعف من اقتصادنا وزاد العبء المالي على الموازنة العامة ومن ثم على المواطن بزيادة الأعباء المالية عليه بزيادة أسعار السلع الضرورية وآخرها الخبز الذي صار مثل (ديل الكلب) حتى سادت الطرفة التي تقول، إن الجنيه عام 2013 كان يعطي خمسة عيشات وفي عام 2014 يعطي أربعة عيشات وفي عام 1015 يعطي ثلاثة عيشات وفي عام 2016 يعطي عيشتان فقط وبدلاً من أن يقوم السيد بدر الدين بتخفيض النفقات الحكومية ويقنع حكومته بوقف الحرب التى تستنزف الموارد لكنه عاجز عن ذلك فالسيد بدر الدين ليس لديه القوة والارادة الصلبة التي كان يتمتع بها وزير المالية الأسبق الراحل عبد الوهاب عثمان الذي استطاع تحقيق استقرار للجنيه السوداني لفترة طويلة ومقاومة الصرف خارج الميزانية مثلما أنه ليس بجرأة عبد الرحيم حمدي في فرض سياسة التحرير الاقتصادي فأصبح يتأرجح بينهما الأمر الذي ادى لإنخفاض مستمر فى قيمة الجنيه السوداني.. ولعل هذا لب المشكلة التي يواجهها السيد بدر الدين والحكومة من خلفه مثله مثل الرجل الذي يتردد فى قطع الشارع فتصيبه سيارة مندفعة فهو يدرك تماما أنه لا يستطيع كبح جماح الصرف الهائل ومن ثم فهو يلقي العبء على المواطن.. أخيرا أقول على السيد بدر الدين أن يترجل إذا عجز ولا داعي للتبريرات والتحديات الواهية فمشكلة الاقتصاد السوداني واضحة جدا والحل ممكن ولكن.. وآه من لكن…