قبل أكثر من أسبوع كان قد راج على نطاق واسع وعمّ الصحف المحلية والفضاءات الإسفيرية، أن معتمد الخرطوم المكنّى بـ(أبو شنب) قد التقى بسفيري دولتي إثيوبيا وإريتريا، وطالبهما بضرورة انضباط رعاياهما من الجنسين، وذلك بأن تتخلى فتياتهن عن لبس البنطلون وأن يتخلى فتيانهم عن لبس البرمودا، وكان بعض الساخرين قد أضافوا بأن المعتمد بعد أن طالب بنزع البنطلون والبرمودا طالبهم بلبس (البردلوبة)، و(البردلوبة) لمن لا يعرفها، هي ملبس واسع وفضفاض، وفي رواية هي ذاك العراقي الواسع الذي يرتديه السجناء، غير أن المعتمد أبو شنب وبعد أن طال الأمد على ما نُقل على لسانه وباسمه، وبعد أن وقع فأس (التريقات) والتعليقات الناقدة على أم رأسه، خرج على الناس لينفي نفياً مغلظاً عن نفسه ذلك القول الذي نُسب له، وأكد أنه بريء منه براءة الترابي من اغتيال حسني مبارك، ولكن رغم أن نفي المعتمد وتبرؤه من ذلك القول الغليظ والتصرف غير الحصيف يحسب لصالحه رغم تأخره، إلا أنه يبقى أيضاً مثيراً للاستغراب كون أن المعتمد لم يسارع فينفي الواقعة في حينها وإنما قابلها بصمت مطبق وأهلنا يقولون (السكات علامة الرضا)، ومدراً للتساؤل عن من سرق لسان المعتمد، فقوله ما لم يقله وجمعه بسفير إثيوبيا الذي لم يلتقه في حياته كما قال..
على كل حال وحتى إذا كان الأمر مجرد سرقة لسان وفي حال قبولنا للنفي المتأخر، سيبقى السؤال منتصباً عن من هو هذا الأحد أو هذه الجهة التي تجرأت على سرقة لسان معتمد وعسكري كمان، كان الأمر سيكون عادياً لو أنها كانت فبركة تمت على لسان سياسي أو أي (ملكي) آخر، أياً كانت صفته ومكانته، أما تقويل هذا المعتمد الضابط العسكري العظيم ما لم يقله، ويذهب يقيني إذا صحت هذه (السرقة) ولا نجد ما يدعونا لعدم تصديق المعتمد، أنه سيقعد لهذا السارق كل مرصد، وسيبقى حاله مثل حال الكلب سارق لسان التمساح، كما في الأسطورة الشعبية. وتقول الأسطورة إن الكلب الذي درج الكثيرون على تسميته (حاج إبراهيم)، ربما والله أعلم تكريماً لجده (قمطير)، رفيق فتية الكهف الأكرمين، قد سرق في زمان غابر لسان التمساح، وفي رواية استلفه منه ولم يرده له حتى اليوم (والشاهد أن التمساح لا لسان له)، ولهذا إذا أراد أحد تخويف الكلب صرخ فيه (سيد اللسان جاك)..